اللهو والرياضة فزرنا تلك الليلة لتنازعنا العشاء واخرج غداً إلى بعض المنتزهات فتناول به غذاؤك.
فكانت اللهجة التي برزت فيها هذه الألفاظ أوجع لي وآلم من كل ما نطق به ديزينيه إذا كنت تنم على معنى الرثاء والرحمة وأنه كان يعاملني كما لو كنت طفلاً.
وكنت جالساً ناحية منهم بمعزل وقد نفر جاشي ووهي جلدي وانهارت دعائم ثباتي وعزمي فبذلت كل جهد في استرداد حلمي واستثابة رشدي فقلت في نفسي لقد نكبت بالخيانة من حبيبتي وبسوء النصيحة من صديقي إذ يشير علي أن أتداوى من دار يأسي بالفسق والفجور والدعارة على أني معرض بعد للوقوع في هاوية هذه المنكرات إذ كا لا عاصم لي منها سوى ما يغشاني من حزني الرهيب المقدس الطاهر! ولكن شر المصاب وأشد البلية أن هذه الدرع الوحيدة التي أتحصن بها من الوقوع في حبائل الفساد - هذا الحزن العميق المطهر الذي أراه أثراً مقدساً لما فقدته من نعمة الحب - أقدس نعم الحياة وأطهر لذات الدنيا. . . .
هذا الحزن الرهيب المقدس - وقايتي من الانغماس قي بيئة منكرات العصر وعصمني من لتورط في حمأة مفاسد الجيل.
هذا الحزن - هذه الوقاية - هذه العصمة والدرع والجنة - قد تحطمت في يدي وتصدعت تحت صدمة هذا النبأ الفظيع الذي سمعته الآن من تلك الغادرة التي لم يكفها أن تسخر من حبي حتى هزأت كذلك بحزني وبثي وضحكت من قنوطي وبأسي.
لقد جعلت تهزأ بي وتسخر واني لواقف على اعتاب دارها أنتحب وأبكي! لقد جعلت ذكريات الماضي تنبعث من لجة ضميري فتطفو على يمه عندما فكرت في ذلك وخيل إلي أن خيالات الوصال أخذت تثور من مكامنها واحدة نلو أخرى وكأنها قد قامت تشرف على أعماق هاوية سحيقة موحشة سوداء حالكة ومن فوق هذه الهاوية كان يدوي صدى ضحكات صفراء ساخرة معناها هذا جزاؤك!.
لو أن العالم أجمع هزأ بي وضحك مني ما باليت قط. ولكن الذي مضني وأرمضني وادمى فؤادي هو أن الساخر والهازئ كان تلك المرأة التي لم أهو غيرها ولم أعشق سواها - تلك المرأة وذلك الوجه وتأنك الشفتان اللتان امتزجتا بشفتي مليون مرة وذلك البدن وتلك الروح