وقد أذكر حال أولئك الملوك بوجه شبه بينهم وبين ضباط جيشنا الأمريكي القديم في القرون الماضية، وإن كان هذا الشبه يلوح غريباً شاذاً مؤلم الوقع، وذلك من ناحية علاقاتهم بعضهم بعض، يوم كان أولئك الضباط وأزواجهم محتبسين في بقعة بعيدة عن الحضر ضاربين خيامهم في أرض قفز قصية عن المدينة، وكان بينهم وبين من دونهم نم الجند والكشافين والقابضة والصيادين البلدين بتلك الأرض، وإن كانوا متربطين برابطة واحدة، وعقد متينة، على شيء كثير من الغيرة والتنافس والمشاحنات والكراهية والمنازعات تفرق بينهم وتقطع حبل الصلة بين بعضهم والبعض وشبيه بهذا ما يقع هؤلاء الملوك والأمراء وما يحدث بين الملكات والأميرات، وما يكون بين الملك الصغير والإمبراطور العظيم إذا أراد هذا أن يغيظه ويحنقه عليه ويضرق عليه أشبه شيء بما يقع يبن زوجة السكابتن وابنة الكولونيل.

وكنت أتصور قبل رؤيتي هؤلاء الملوك أن حياتهم لا بد نم أن تكون محدودة ضيقة الجوانب مقيدة فزادتني هذه الرحلة التي أديتها ثقة بصحة ظني وإيماناً بعقيدتي وأنا أستطيع أن أفهم رغبة المرأة في أن تكون ملكة وأقدر اعتزازها بهذا اللقب العظيم ولكني لا أستطيع أن أدرك لم يبتهج الرجال بأن ينادوا في الدنيا ملوكاً، وأنا لا أنكر أن لذة الملك والسلطان عظيمة فاتنة ساحرة إذا كان الرجل منا ملكاً وحاكماً مسيطراً، كان له من القوة والنفوذ ما يجعل منه فردريكاً كبيراً، أو على الأقل أشبه بالإمبراطور ويليم الأول. وهو وإن لم يكن رجلاً عظيماً، وملكاً بطلاً. كانت له الصفات والسجايا والأخلاق التي مكنته من استخدام أمثال بسمارك ومولتكي وفون رون، والنزول على إرادتهم كذلك واستخدامهم له وأما الملك العادي البسيط فلا سلطان له على شيء سوى الأزياء والمودات فإن كان فاضلاً مستقيماً شريفاً استطاع أن يكون لامته الأسوة الحسنة، فإن لم يكن على شيء من ذلك اضطرت حاشيته وعلماء الدين حوله وأهل بلاطه وصنائعه أن يكونوا عمي البصائر فيقولوا له أن الفاضل والمستقيم والشريف ويخلقوا له فضائل ومقدوا عليه مدائح ليس هو منها في شيء، وأمثال هؤلاء الملوك العاديين لا يؤدون في الحياة عمل قواد الإنسانية الذين يبثون من صفوف الشعب فيقودوا الناس والحياة طوعاً أو كرهاً، وهذا العجز ينطبق على ملوك الحكومات الملكية الدستورية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015