أريت فيما يُرى النائم أني جئت معبداً ضخماً تحت الأرض ذا سقف عال مقوس وقد كان غاصاً بأنوار أرضية متشابهة وفي وسط المعبد كانت تجلس امرأة وقور فخمة عليها ثوب أخضر فضفاض وكانت قد أسندت رأسها إلى يدها وكان يلوح عليها أنها مسترسلة في تفكير عميق.
علمت في الفور أن هذه المرأة هي الطبيعة نفسها فسرت في نفسي رجفة احترام ممزوج بخوف صاعد من قرارة روحي.
وأتيت تلك الصورة الجالسة وانحنيت بإكبار وقلت يا أمنا وأم الجميع فيم تفكرين؟ أتفكرين في مستقبل الإنسانية وكيف ينال الإنسان أسمى ما في دائرة الامكان من الكمال والسعادة.
فحركت المرأة عينيها السوداوين الرهيبتين في بكاء وتراخ وتمتمت شفتيها فسمعت صوتاً رناناً صليل الحديد يقول أني أفكر في كيف أمنح قوة أوفر لساق البرغوث ليتسنى له الفرار من أعدائه على أحسن وجه فإن ميزان الهجوم والدفاع مختل غير متزن فيه ويجب أن يراعى ويحفظ.
فتلجلجت في الجواب وقلت ماذا؟ وما الذي تفكرين فيه؟ أولسنا نحن بني الإنسان أولادك الأعزاء؟ فتململت ثم قالت كل المخلوقات أبنائي وإن عنايتي ترفرف فوق الجميع وأنا كذلك أفني الجميع وأبيدهم.
فأجبتها متلجلجاً، ولكن الحق والعقل والعدل.
فقالت بصوتها الحديدي: هذه كلمات الإنسان! وإني لا أعرف الحق من غيره وإن العقل قانون الإنسان وماذا يعنيني من العدل؟
لقد وهبتك الحياة وسأستردها وأهبها لغيرك أديداناً كانوا أم رجالا - أنا لا أبالي.
فانظر في خلال ذلك لنفسك ولا تقف في سبيلي - وكنت أود مراجعتها ولكن ألأرض اهتزت وتنهدت فاستيقظت.