الكيمياء على قدر قابليتها فهي لا تزال تمتص من السائل حتى تتشبع تماماً أي حتى تبلغ أقصى غاية التشبع الت يسميها أولئك الكيماويون نقطة التشبع وعلى هذا الحد فإن قابلية التشبع في ذهن مارتن لوثر وذهن وليم هازلت أو ذهن وليم سكليجل أعظم بمقدار غير محدود منها في ذهن الرجل الساذج أو تلميذ الأدب كما أن نقطة التشبع في تلك الأذهان الهائلة الرهيبة أبعد بمسافة غير محدودة منها في ذهن ذلك التلميذ أو ذلك الساذج. فلا يفوتك أيتها السيدة أن الرجل الذي قد عاشر الناس ولابسهم وخبرهم وجربهم - الذي قد سبر أغوارهم وقاس أعماقهم - الذي قد عامل القساوسة والشمامسة والأساقفة وساومهم وعقد معهم عقود المبايعات والمقارضات بدلاً من مجادلتهم في المسائل الدينية والنقط الفقهية - اتضح له بعد طول الممارسة أن الدنيا تشتمل على عدد عديد من الغدرة الخونة المتنكرين فقي ثياب الأخيار والفجرة المكرة المتظاهرين بهيئة الأتقياء الحاملين شعار القديسين والأبرار - والذي يفضل غوصه على درر الحقائق في أوقيانوس الحياة وبفضل إفضائه وخلوصه إلى لباب الإنسانية وصميمها وجوهرها - أدرك أن جميع ما تنطوي عليه صفحات الكتب المقدسة من روح الله وسره وآياته إذا قورن وقيس بالموجود في السموات والأرضين وكا بينهما وفي غضون لجة الإنسانية المائجة الملتطمة المضطربة وفي أنحاء هذا الشعور (أعني الحياة) الحي المتدفق العديم الحصر والحد ظهر كأنه نقطة في القوس الكهربائي الهائل العظيم الذي يصل ما بين قطبي الأبديتين - (1) قطب الأبدية الماضية (أبدية القدم) السالب و (2) قطب الأبدية المستقبلة (أبدية الخلود) الموجب - أجل إن أمثال هذا المجرب الخبير جدير أن يدرك في النهاية أن كل ما تستطيع الكتب المقدسة أن تحتويه من الروح والسر الإلهي هو بالقياس إلى ما تحتويه بطارية هذا الكون المتحركة الفعالة كذرات التبر المطلية بها صفحات كتاب مؤلف من الأوراق الذهبية الرقيقة إذا قيست بالكامن في أحشاء الأرض من كتل الذهب وأفلاذ العسجد. أجل إن الرجل المتقلب بين الأحياء يسمع كلماتهم ويبصر حركاتهم ويفهم نواياهم ويدرك خباياهم لجدير أن يعلم من الأمور والمسائل ما لم يكن ليجده بين دفات إنجيله. لقد انقرض ذلك العهد الذي كان فيه علماء الدين والفقه والفلسفة يحبسون أنفسهم في حجراتهم ويخندقون حولها. أما إنك لن تستطيعي أن تحبسي الغاز في مثانة ولا العلم في دماغ العالم الفني والأخصائي إذ في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015