بقراءة كتب القانون العسكري، فلبث لزلي ساعة يستوعب طائفة من الإجراءات العسكرية والبنود والمواد التي حشدها وضّاع تلك الشرائع الحربية في قوانينهم حتى برمت نفسه بالقراءة وإذ ذاك وقع نظره على الفتاة شيل سوريل، وهي تلوح من فرجة بين أغصان الزنبق.

وكانت شيلا وحدها، وقد جلست فوق العشب، وعيناها نديتان رطبتان ويداها غائبتان في الأغصان تقطف الدانيات من أزاهرها، وأنفاسها صاعدة وزفراتها راجعة، تبعث الرحمة والحنان.

فلما أبصر بها الفتى لزلي وهي على هذه الحال، اتقدت عواطف الفروسية بين جنبيه، فنسي دراسة القانون العسكري وواجبه المدرسي من حفظه واستظهاره، فاسترق الخطى وانسل بين العوسج والأفنان والدوالي، يريد التقدم نحوها، حتى إذا داناها قال بلا روية ولا تفكير إني أقول، هل تعرفين ما أقول، أقول أنك تلوحين مروعة حزينة مغمومة متألمة، أتعرفين ذلك!

فكان جواب شيلا إني لكذلك. ولكني لم أكن أعرف أن إنساناً يستطيع أن يشهد مني ذلك.

قال لزلي: إن المرء ليحزن إذ ينظر إلى وجنتك وخدك على أنني لم أستطع أن أتمالك نفسي، وأرجو أن لا يسوءك ما فعلت

فأجابت بعد تمهل وقد رأت أمامها فتى جميلاً: كلا لا يسوءني ذلك مطلقاً لأنه لا يحسن أبداً أن يكون الإنسان حزيناً متألماً وحده بلا أحد يواسيه.

فأجاب لزلي بكل تحمس: لا يحسن أن يكون الإنسان حزيناً مطلقاً إني أعرف ذلك إذ كنت اليوم غير مبتهج.

فكان جواب شيلا دليلاً على أن عواطفها قد تحولت عن نفسها والتفتت إليه إذ قالت: أتكون حقاً كذلك. هل أنت حزين، ولم الحز؟

قال: وقعت في خلاف والقائد، فعسفني واشتد في لومي

يا الله إنه أمر فظيع.

قالت شيلا: يا للعار. ويا للسوء ألم نقل له أنه كان في ذلك قاسياً لعيناً!

فأجاب الفتى: أنت تعلمين أن الإنسان لا يستطيع ذلك، وأن هناك كتاباً كنت أقرؤه الساعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015