وكذلك نرى أن الفتاة تعتقد أن شؤونها المنزلية والعائلية إنما هي مسائل ثانوية بل ربما عدتها تافهات يسخر منها ويهزأ أما المسائل الجوهرية والأمور الأساسية لديها فهذه هي الحب والمغازلة واقتناص القلوب وكل ما يدخل تحت ذلك من ضروب الحلى والزخرف وصنوف اللهو والرقص وما شاكلها.
لا يخفى أنه على قدر عظم الشيء وشرفه وكماله يكون بطء تكونه وطول مدة نمائه فالرجل لا ينضج عقله قبل الثامنة والعشرين من عمره. أما المرأة فتبلغ ذلك في الثامنة عشرة. ولكن عقلها ضيق النطاق قريب النظر. وهذا هو السبب في أنها تبقى طفلة طول عمرها لأنها لا ترى من الأمور إلا ما بين يديها ولا تتعلق إلا بالحاضر وتغتر بالظواهر فتحسبها حقائق وتؤثر الحقير على العظيم والتافه على الجسيم. وإنما بفضل العقل الراجح ترى الرجل لا يقصر نظره على الحاضر بل يمده إلى المستقبل والماضي ومن ثم ينشأ الحزم والتبصر والتدبير مما يمتاز به الرجال على النساء. وقلة اهتمام المرأة بالمستقبل هي التي تغريها بالتبذير المجاوز كل حد - المشرف على الجنون. فهي تحسب أن الرجل ما خلق إلا ليكسب لها المال وإنها لم تخلق إلا لتبدده.
المرأة مجردة من صفة العدالة والإهتداء إلى الحق ولذلك سببان - الأول هو ضعف الإدراك وقلة التبصير اللذان أشرنا إليهما آنفاً. والثاني هو أن الطبيعة لما وهبتها الضعف والوهن جعلت سلاحها المكر لا القوة. وهذا سبب ما ترى للمرأة من الكيد والحيلة وتأصل رذيلة الكذب في طباعها. وكما أن الأسود قد زودت بالمخالب والفيلة بالأنياب والثيران بالقرون فكذلك المرأة قد زودت من الطبيعة سلاحاً تدافع به عن نفسها - هذا السلاح هو الرياء - فالرياء في المرأة يقوم مقام قوة الجسم والعقل في الرجل. ولذا فالرياء هذا خلق غريزي في المرأة تستوي فيه الذكية والبليدة. فمن البديهي إذن أن تلجأ المرأة إلى الرياء عند الحاجة مثلما تلجأ الحيوانات الآنفة الذكر إلى أسلحتها التي أشرنا إليها عند الضرورة. ومن ذلك ينتج أن المرأة الصادقة التي لا ترائي هي إحدى المستحيلات. وينتج أيضاً ما قد عرف عن المرأة من سرعة استكشافها خلق الرياء في الرجل. ولا عجب فإن من يحاول إجازة الرياء على معدن الرياء لكمن يهدي المطر إلى السحاب فمن الحماقة والأمر هكذا أن يسلك الرجل مع المرأة سبيل الرياء ومن هذا الخلق (أعني الرياء) ينشأ ما يعرف عن