ونفوا من عبده ووحده وصدق نبيه واعتصم بدينه اذن الله لرسوله في القتال والامتناع والانتصار ممن ظلمهم وبغى عليهم فكانت أول آية أنزلت في أذنه له في الحرب قول الله: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور - ثم أنزل الله: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة - أي حتى لا يفتن مؤمن عن دينه - ويكون الدين لله} - أي حتى يعبد الله لا يعبد معه غيره - فلما أذن الله للنبي في الحرب وتابعه هذا الحي من الأنصار على الإسلام والنصرة له ولمن اتبعه وأوى إليهم من المسلمين أمر رسول الله أصحابه من المهاجرين من قومه ومن معه بمكة من المسلمين بالخروج إلى المدينة والهجرة إليها واللحوق بإخوانهم من الأنصار فخرجوا أرسالا ثم أقام رسول الله بمكة ينتظر أن يأذن له ربه في الخروج من مكة والهجرة إلى المدينة ولم يتخلف معه بمكة أحد إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر الصديق رضي الله عنهما وكان أبو بكر كثيراً ما يستأذن رسول الله في الهجرة فيقول له الرسول لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحباً فيطمع أبو بكر أن يكونه.
خبر دار الندوة
ولما رأت قريش أن رسول الله قد كانت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم عرفوا أنهم قد نزلوا داراً وأصابوا منهم منعة فحذروا خروج رسول الله إليهم وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم فاجتمعوا له في دار الندوة. وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمراً إلا فيها: يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر رسول الله حين خافوه وقد اجتمع فيها أشراف قريش مثل عتبة بن ربيعة وأبو سفيان بن حرب والنضر بن الحارث وزمعة بن الأسود وأبو جهل بن هشام وأمية بن خلف وغيرهم ممن لا يعد من قريش فقال بعضهم لبعض إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم فإنا والله ما نأمنه علي الوثوب علينا فيمن قد اتبعه من غيرنا فأجمعوا فيه رأينا ثم تشاوروا فقال فقال قائل منهم احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه باباً ثم تربصوا به ما أصاب