وأماديحهم لأنها تخفف من حدة زهوهم وهي تطفئ من جذوة كبرهم أنظر إلى الأمراء أنهم يروحون بمديح الأكابر أشد زهواً وأكثر عجباً لأنهم لا يحتقرونهم بل يقدرونهم ويعظمون.

يعتقد الكبراء أن وحدهم المستبدون بالكمال المتفردون بالمحاسن لا يحتملون أن يروا في الناس نبل الروح ولا فضيلة النشاط ولا رقة الحاشية وهم يدعون ملكية كل شيء جميل كحقوق وجبت لهم بطيب مولدهم وكرم دمائهم ومن أكبر الخطأ أنهم يعيشون على هذا الخطأ هم يرون أن الأرض لم تخرج أثقف عقولاً منهم ولا أبلغ قولاً ولا أرق تأليفاً ولا أبدع إنشاء بل ولا أرق بصراً ولا أنعمى خلقاً بل أنهم ليذهبون إلى أن هذه لم تنبت إلا فيهم ومنهم لكم الله أيها الأكابر نعم إن لكم أرضاً واسعة وملكاً كبيراً وسلسلة من الأجداد متراخية مترامية من ذا الذي ينكر عليكم هذا ومن ذا يجحد!

أيها الأكابر أتريدون أن أعتقد أن لكم نبل الروح وروعة العظمة وجمال الذوق والحكمة وبعد النظر أتريدون أن أصدق الأماديح المتغنية بأوصافكم غني لا أومن بها إني أتميز غيظاً ن كذبها إني ألفظها إني أزدريها أتريدون أن تخدعوني بمظهر العظمة الذي تلبسونه وسمت السمو والعلاء الذي تضعونه في كل كلمة تقولون وكل أمر تحدثون وكل لفظ تكتبون إني لا أومن إلا بأن لكم الجاه والأبهة ومناعم الغنى وأطايب الثروة. . . بأية وسيلة نستطيع تعريفك أيها الكبير الخشن الصوت الفظ الجرس إنا لا نقترب منك إلا كما نقترب من النار الموقدة إنا لا نكلمك إلا عن كثب ولا ندانيك إلا عن رهب يجب أن نخلع عنك حجابك ونلمس حقيقتك ونواجهك بنظراتك ونصدمك بأقرانك حتى نخرج منك بحكم فيك سديد رشيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015