ومضينا نخوض في حديث عادي طويل، وكنت أتكلم بدقة وإيجاز ووضوح وجعلت عيني طول الوقت تستقر على عقرب الساعة، وقد عزمت على أني إذ تدق السادسة يجب أن أكون قاتلاً!.

حتى إذا بقيت على الميعاد سبع دقائق نهض الكسيز عن المتكأ متثاقلاً متبلداً وغادر الحجرة وهو يقول (سأعود بعد هنيهة).

وأردت أن أتجنب عيني تاتيانا ونظراتها فخطرت إلى النافذة ففرقت الأستار ووقفت هناك كأنني أنظر وأتأمل، وإذا بي أشعر بتاتيانا دون أن أراها تخطر في الحجرة متوجهة نحوي، وجاءت فوقفت بجانبي، وكنت أسمع تنفسها الصاعد المتراجع، وعرفت أنها كانت تنظر إلي لا إلى النافذة، فاعتصمت بالسكوت.

قالت تاتيانا (ما أشد وميض الجلد!) فلم أحر جواباً، وعادت تناديني وهي مترددة (أنتوني!) ولكنني كذلك لم أجب، فكررت النداء في صوت متهدج مرتجف فنظرت إليها.

وهنا أخذت تاتيانا ترتعش وتتمايل حتى أوشكت أن تقع، كأنما صعقتها تلك القوة المتوحشة المفترسة المرعبة التي كانت تطل من عيني، ثم وثبت إلى جانب زوجها، وكان في تلك الآونة قد رجع، وتمتمت الكسيز!. . السكيز. . . إنه. . . .

فقال (ماذا تريدين؟).

قلت دون ابتسام بل في صوت خشن مخيف (إنها تعتقد أنني أريد أأقتلك بهذه الأداة) هذا ورحت أرفع في سكون وخفة وصمت الثقالة وتقدمت رويداً نحو الكسيز، فشخص في بصره مصفراً مذهولاً مبهوتاً، وهو يكرر هذه الكلمات هي تعتقد. . . قلت (نعم هي تعتقد!) ورفعت ذراعي في رفق وأنا أشير بالأداة وألوح، وبدأ الكسيز في مثل رفقي يرفع هو الآخر ذراعه، وعيناه لم تغادرا وجهي، فصحت به في خشونة وغلظة أن (قف!) وعند ذاك تراخت ذراعاه، وبقيت عيناه مستقرة على، وبدت على شفتيه ابتسامة ضعيفة ذابلة متهمة، وصرخت تاتانيا صراخاً مرعباً مزعجاً، ولكن كان الوقت قد أزف!.

نعم بحد تلك الثقالة أهويت على الكسيز أضربه فوق جبهته، وقد أنبأني القضاة يا سادة إنني ضربته عدة ضربات، إذ رأوا جمجمة القتيل مفتتة مبددة، ولكن هذا أيها السادة مخالف للحقيقة، أنا ضربت الكسيز ثلاث ضربات لا غير، واحدة وكان واقفاً واثنان وهو مطروح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015