الأشياء وما من طوبة صنعت إلا وقد أعمل بعض الرجال فكرته كيف يصنعها وما نسميه قطعاً من الورق عليها لمع من الحبر إنما هو أطيب مظهر للفكر البشري. فلا عجب أن يكون أنشطها وأكرمها.

وقد طالما أقر الناس بفضل الكتاب وخطارة شأنهم في العصور الحديثة واستعلائهم على الكنيسة والبرلمان والجامعات وغيرها ولكنه إقرار لم يشفعه عون ولا مساعدة. وعسى أن يكون قد آن للعواطف أن تخلي مكانها للإمدادات المادية. وإذ كنا نقر ونعترف بأن للكتاب على المجتمع النعم الغراء والمنن البيضاء. وإنهم يحدون به في سبيل التقدم ويسمون به مراقي المدينة فما بالنا إذن نتركهم في أسوأ حال من نكد الحياة وجحد العيش. من أمرهم في حيرة عشواء وضلالة عمياء ويقيني أن كل شيء فيه فضيلة قوة خفية فسيحسر يوماً ما لثامه ويميط قناعه ويسفر لنا ناصع الصورة. واضح الغرة بين الإشارة جهير الصوت. فأما إن يلبس أناس زي الادب والكتابة ويقبضون أجرها. ويتضور من الجوع الكاتب الحقيقي صاحب الخير والمنفعة فما ذلك بعدل وإنما جور وعسف. ولكن رد هذه المظلمة لن يكون وآاسفاه. إلا بعد الجهد الجهيد. والزمن المديد! وكم دون ذلك من مشكلات ومعضلات الله وحده المعين على حلها.

فإذا سألتموني ما هو أحسن نظام تجعل عليه حالة الكتاب في العصور الحديثة وما هي خير طريقة لتنظيم شؤونهم واستمرارها تكون على تمام مطابقة لمركزهم ولمركز المجتمع: استقلت من الإجابة على هذ1 السؤال لقصور مبلغ عقلي عنه. وأنها لمعضلة لو تتابعت عليها عدة عقول راجحة لما استطاعت لها حلا تقريبياً فكيف بعقل واحد؟ نعم ولا أحب أن أحد يقدر أن يقول ما هو أحسن نظام لأمر الكتاب فأما إذا سأل سائل ما هو شر نظام وأخبثه قلت هذا الذي هو كائن اليوم - هذا الخلط السائد والفوضي المستحكمة. وما أبعد ما بيننا وبين نظام صالح طيب.

وثمت شيء لا يفوتني ذكره وهو أن هناك غير أمر العطايا المالية أمراً أهم وأعظم إلا وهو إجلال الكتاب وتقديسهم وهو أمر كان معدوماً في القرن الثامن عشر - قرن الجحود والكفر. فأما هبة العطايا وترتيب الرسوم فهي على ضرورتها في بعض الأحيان قلما تقربنا وحدها من النظام المطلوب لحالة الكتاب. وإني لأحد الذين أسأمهم كثرة ما يلغط به من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015