رجال الحرب

الفرد فون تيربتز

منشئ البحرية الألمانية

إذا أراد المؤرخ أن يضع تاريخاً صادقاً دقيقاً لتطور البحرية الألمانية وارتقائها، وتقدمها ونمائها، فلن تجد اسماً يضعه على رأس هذا التاريخ إلا اسم رجل واحد هو فون تيربتز. فإن لهذا الرجل الصلب العود المتشعب اللحية، السياسي الملاح، التيوتوني المعارف والسمت، الفضل الأكبر في نهضة ألمانيا إلى مصاف دول البحار. فهو وحده موجد أساطيل الإمبراطور.

وهم يسمونه في برلين (تيربتز الخالد) ذلك لأنه قد مضى عليه وهو في دفة الوزارة نحو من خمسة عشر عاماً، لم ينزل في خلالها عن مقعده ولم يعتزل أو يعزل عن منصبه، وليس في الوزارة الذين تقلدوا مناصب الوزارة من لم تزعزعه عن مكانه عواصف السياسة وأزماتها هذا الدهر الطويل اللهم إلا هو وبسمارك، فقد تقلد كثيرون من المستشارين مقاليد الاستشارة ثم تحملوا. وجاء كثيرون إلى وزارة الحربية ثم ذهبوا وتعاقب العديدون على كراسي الوزارة الأخرى ثم نزلوا، هذا وتيربتز لا يزال متربعاً في دسته منذ عام 1898 سائراً في سبيله البحري وخططه.

وليس تيربتز من أصل عريق، ولا هو من الذين يمتون إلى محتد شريف، بل على النقيض من ذلك نشأ من عامة الناس، لإسناد له الأهمية عظيمة، لا تعرف النصب ولا رأس مال له إلا قوة الإرادة وعلو المطمح، وكانت هي وحدها كافية لأن تنقله من بحار بسيط إلى إدارة قوى البحر كلها، فهو الرجل الأوحد في وزارة البحرية الذي يجمع بين أثوابه المهارة البحرية والنبوغ العملي والحذق في السياسة، حتى أن الصحف الألمانية والتقارير الحكومية تقرن اسم تيربتز ابداً باسم المستشار، وذلك لأن ألمانيا فقيرة بمستشاريها.

وتيربتز هو الذي جعل ميزانية البحرية الألمانية تتدرج من ستة ملايين من الجنيهات عام 1898 إلى ثلاثة وعشرين مليوناً عام 1913 وكانت سياسته وقوة شخصيته هي التي لعبت بعواطف الأمة، وسحرت رجال الرشتاغ، فرضوان بهذه الزيادة، وأقروا بتوسيع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015