هي بحيرة بورجيه، في مقاطعة سافوي، جنوب فرنسا الجميلة، والشاعر هو لا مارتين، شاعر الحب والجمال، هو الرجل الذي اجتمع في قلبه قلب الطبيعة كلها هو الجزء الملائكي في وجدان الإنسانية وعواطفها، وضع قصيدة البحيرة عام 1817، بعد أن جاء إلى (بروجيه) على موعد من (الغير) حبيبته، ولكنها وا أسفاه لم توافه إلى الموضع، بل قضت نحبها بعد ذلك بثلاثة أشهر، دون أن يقدر للشاعر أن يظفر بلقائها قبل الموت.
وهذه القصيدة تعد من أبدع منظومة، وأرق خواطره، هي كلمة حادة حزينة، صادرة من أعماق قلب خفاق كبير، غذي بلبان الحب، وعاش وقضى في أحضانه.
نحن بني الإنسان ما أن نزال نساق في الحياة من ضفاف إلى ضفاف، ونقذف من ساحل إلى ساحل، وننقل من عدوة إلى عدوة مقتربين من ليل الأبدية، محمولين إلى ظلمة الخلود، فهل مكن وقفة لسفيننا فوق أوقيانوس الزمن وهل من مستقر.
أيتها البحيرة، هذا العام قد دار دورته أو كاد، هذه أمواجك المحبوبة كم كانت تعاودها، وهذا آذيك الجميل كم كانت تشارفه، ولكن انظري. . . هذا أنا جئت وحيداً أجلس على صخرتك، وأقبلت فريداً أقتعد ثنيتك، حيث كانت تجلس، وحيث كنت تشهدين.
كنت تصخبين على هذه الصخور العميقة، وكنت تئنين، كنت تتكسرين على جوانبها الممزقة وكنت تتدافعين، وكانت الريح ترمي بزبد أمواهك عند قدميها المعبودتين. . ففي ذات ليلة - وهل تذكرين - ليلة كنا فوق صدرك نجذف في سكون، ويدري بنا الزورق في صمت، لا حس فوق اللج ولا صوت تحت السماء، غير ضوضاء المجاذيف وصحبتها، وهي تضرب صفحة أمواجك الحلوة المنسجمة، وتسقط على أديم إمدادك المطردة المنسقة. . وإذا بصوت لا تعرفه الدنيا، وتجهله الأرض جرس حلو في أذني، ناعم الموقع في مسمعي، تردد صداه فوق ضفتك الجميلة الفاتنة، هذا وقد أصغى الموج وسكن خرير الماء، وهو يساقط هذه الكلمات:
أيها الزمن. قف عن طيرانك، وامتنع عن جريانك، وأنت أيتها الساعات الحنون الرفيقة، هلا سكت عن دورانك، دعنا أيها الزمن نستطيب عذوبة ألذ أيامنا وحلاوة أبدع ساعات عيشنا، كم من مكدودين منحوسين في الأرض يضرعون إليك ويبتهلون، فخفف لهم أيها الزمن من عدوك، وهون لهم من غلوائك، وارفع عنهم الهموم التي تلتهمهم، وانس السعداء،