عالم الأدب

المرأة في رأي برنارد شو

برنارد شو هو الفيلسوف الإنكليزي الأوحد في هذا العصر، امتاز بآرائه الحرة الناضجة وفلسفته الإصلاحية السديدة، يضرب في كل مؤلفاته على نغمة الإصلاحيين الحربين، ويذهب مذهب الهادمين البانين، فهو خليف فردريك نيشته في حنقه على المجتمع وسخطه على انحطاط الإنسانية في كل وجوه الحياة وأساليبها، على أنه يطول على نيتشه بأنه أصفى ذهناً منه وأهدأ جأشاً، وأسكن نفساً، وأحلى أسلوباً، وهو يجنح في كتابته إلى العبقرية المزاجية فيجيء بالأعجب الأغرب، وليس كنيتشه في مرارة اللهجة، وقساوة التعبير، وفظاعة النقد، يضع فلسفته في روايات تمثيلية ليست في فن الروايات شيئاً مذكوراً بجانب روعة الآراء، وجلال الموضوع ونفاسة المغزى، وهو من أعظم أنصار الاشتراكية من الإنكليز وأكبر الدعاة إليها ونحن ناقلون له هنا رأيه في المرأة.

إن الوجهة الشيطانية من فتنة المرأة ومكرها، أنها تريدنا على أن نرضى بهذه الفتنة وذاك المبكر وليست غاية المرأة هي لذتها أو لذتنا، لا بل لذة الطبيعة، وإن في المرأة الحيوية عمياء مجنونة ثائرة طائشة، تضطرها إلى تضحية نفسها، فهل تظن أنها تنزوي هنيهة واحدة عن تضحيتك أنت؟.

إن للنساء غرضاً هو غرض الطبيعة نفسها، وليس الرجل عندهن غير الوسيلة إلى هذا الغرض، إنهن ليرعيننا ويحدبن علينا، ولكن كما يرعى الجندي سلاحه ولأمته، وكما يحدب الموسيقار على عوده وقيثارته، وهل تراهن يجزن لنا غرضاً نعمل له، أو حرية ننعم بها، أتراهن يرضين أن يتقارضنا بينهن، أيستطيع أقوى الرجال أن يفر من قبضتهن إذا احتبلنه مرة أو أوقعنه في شراكهن، إنهن ليرتعدن، ويرتجفن إذا حاق بنا حائق أو نزلن بنا نازلة، وإنهن ليرسلن أعينهن ويبعثن دموعهن في آثارنا إذا اختطفنا من بينهن الموت، ولكن هذه الدموع المستفيضة والعبرات المهراقة ليست من أجلنا بل لوالد قضي أو طفل تيتم، وتراهن يتهمننا بأننا لا نعدهن إلا وسائل للذتنا وشهواتنا، ولكن كيف تستطيع حماقة ضعيفة مسرعة متحولة مثل لذة الرجل أن تستعبد المرأة وفيها اجتمع غرض الطبيعة كلها؟.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015