صاحبه عن الأديان بطريقة توافق واجب احترامها والحرية التامة في الكلام عليها وبحثها.
ولما عاد من أكسفورد سنة 1747 وقد كان ذهب إليها ليهيء نفسه للاندماج في سلك القسس مكث بكر كادي مسقط رأسه مع أمه سنتين. ثم استوطن أدنبره بعد أن غير قصده فعدل عن دخول الكنيسة لاحتوائه البحث في الديانات وكرهه بيئة القساوسة وشغف بدرس الآداب ودفعه بعض أخوانه وخلصائه في أخريات سنة 1748 إلى إلقاء محاضرات في البلاغة والأدب ففعل وكان يحضرها جم غفير من طلبة الحقوق والدين وإنه وإن عز الآن وجود شيء من هذه المحاضرات إلا أن شهادة معاصريه من الأساتذة ومن قرأوا عليه تدلنا على أنها كانت غاية في الجودة والمتانة وكثير منهم رجع إليها في حياة سميث ولا ننسى أن نذكر أنها كانت الأولى من نوعها في اسكتلندا (أيفوسيا) حتى أن الجامعة لما رأت ميل الناس لسماع أشباه هذه الموضوعات عينت أستاذاً لها سنة 1760.
وقد كسب من وراء هذه المحاضرات طيب الأحدوثة وساعده ذلك ووساطة بعض أصحابه في نيله رتبة أستاذ للمنطق بجامعة جلاسجو سنة 1751 ثم رقي في السنة التالية إلى مركز أستاذ الفلسفة الأخلاقية وكانت هذه الوظيفة أوفق لأميال آدم سميت واستعداده الطبيعي.
وقد ساعدته الأبحاث التي استدعتها هذه الوظيفة إلى إنضاج معلوماته وأفكاره الخاصة هذا وقد كان سميت يعد الأيام التي قضاها في دراسة الفلسفة الأخلاقية من ارغد أيام حياته وأهنأ زمان عيشه. لأنه كان يقضي أغلبها في درس موضوعات كانت بطبيعته مشغوفاً بها وقسم دروسه هذه إلى أربعة أقسام الأول منها يبحث في الدين الفطري وأدلة وجود الآلة وصفاته. والثاني درس فيه الأخلاق وتكلم فيها عن آرائه التي ضمنها كتابه نظرية الأميال الخلقية والثالث درس فيه بتوسع الجزء الخاص بالعدل والفضاء وعلاقة الخلق متبعاً في ذلك طريقة منتسكيو التاريخية والرابع درس فيه الأنظمة السياسية التي لم يراع العدل عند سنها بل روعي فيها من وجهة ثروة الحكومة وقوتها مثل الأنظمة الدينية والعسكرية التي كانت من أهم موضوعات كتابه ثروة الأمم.
وبدأ سميث حياة التأليف بمقالين أرسلهما نقلاً إلى مجلة أدنبرة ضمن الأول نظره في قاموس الدكتور جونسون وهو من أشهر كتَّاب الإنجليز والثاني خطاباً لمدير المجلة فيه