فبدأ الحضور يتناظرون ويتلاحظون ويضعون أصابهم فوق جباههم. وتهامس بعضهم فيما بينهم أن يأخذوا منه بندقيته. لئلا يأتوا أمراً أدا. وعند ذلك أسرع الشيخ الوقور إلى لزوم مكانه الأول. وفي هذه اللحظة الرهيبة دافعت الجمع المتألب امرأة صبوح الوجه حسناء تريد أن تشهد الرجل ذا اللحية الشهباء يعني رب وكانت تحمل بين ذراعيها وليداً غضاً سميناً. أخذ يتشنج ويبكي خائفاً من هيأة الرجل فأهابت به المرأة. . علام البكاء يا رب. ولم التشنج أيها الصغير الأحمق. لا تخف فالشيخ ليس بذي أذى!.

وإن اسم الوليد. وسمعت أمه. ونبرات صوتها. وتضاعيف جرسها. كل ذلك أيقظ في ذهن رب نواعس الذكرى. وهواجع الماضي فأنشأ يسأل.

ما اسمك أيتها المرأة الرؤوم؟.

فكان جوابها. جودت جاردينيار.

واسم أبيك؟.

قالت. . واحر قلباه على المسكين. لقد كان اسمه رب فان ونكل. وها قد مضي عشرون عاماً على ذلك اليوم الذي خرج فيه من داره متنكباً بندقيته ولم نسمع بخبره أبداً.

رجع كلبه وحيداً. ولا يعلم أحد إذا كان قتل نفسه أم اختطفته الهنود. ولم أكن إذ ذاك إلا شابة صغيرة.

لم يبق لرب إلا سؤال واحد. فألقاه بصوت مرتجف. . . وأين أمك؟.

قالت. . لم تلبث بعده أن قضت. . قطعت شرياناً لما في ساعة غضب. من موجدة على بائع!.

فكان في هذا الجواب سلوة له ونعمة عين. ولم يستطع كتمان ما به. وفاضت في قللبه عاطفة الوالد فاخذ ابنته ووليدها بين ذراعيه وصاح باكياً. . هذا أنا أبوك. بالأمس رب فان ونكل الفتى. واليومك رب فان ونكل الشيخ. أوليس منكم رجل يعرف رب فان ونكل القديم؟.

فوقف الجمع مندهشين حائرين. حتى خرجت من بينهم عجوز. فجاءت تدلف إليه ووضعت يدها فوق جبينها تستعين على الذكرى. وتتشوفه من تحت يدها. وما نشبت أن صاحت. أجل يا قوم. هذا رب فان ونكل بعينه. مرحباً بمقدمك. وأهلاً بك. أبهذا الجار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015