على أن يجمع بين إلمام بالعلم وإلمام بالعمل، ولا نريد بذلك أن ننكر ضرورة الإخصاء في فرع من العلوم، ولكننا نقول أن الإخصاء لا بد أن يتبع التعليم العام وأن التعليم العام يلقى علماً فكرياً وعملاً يدوياً، وأن تقسيم في الجماعة إلى عمال بالأيدي وعمال بالأفكار تفريقاً لكلتا القوتين.

والطريقة التي ننادي بها هي أننا نريد من المدرسة أن تكفل للفتى والفتاة نصيباً وافراً من العلم يعينها إذا غادر المدرسة في سن الثمانية عشر أو العشرين على أن يكونا عاملين نافعين للجماعة، وأن تجعلهما ينالان من كل علم نصيباً يساعدهما على أن يأخذا مكانهما في هذا العالم العملي.

ولعل هناك كثيرين يظنون أنني أشتط في الطلب وأتعسف، ويرون أن ما أدعو إليه ليس إلا من قبيل المستحيلات، ولكن أقول لهؤلاء أن ما يتوهمونه مستحيلاً قد تحقق فعلاً ولا يريد إلا التوسع فيه إذ جربت هذه الطريقة في مدرسة الصنائع في موسكو عشرين سنة متتابعة لتعليم مئات من الطلبة، وقد شهد بنجاحها ثقات كثيرون في معارض بروكسل وفيلادلفيا وويانة وباريس.

والطريقة التي سنتها المدرسة هي أنها لا تقبل إلا من تجاوز عمره الخامسة عشر، ولم تطلب منهم إلا أن يكونوا على شيء في الهندسة والجبر واللغة الروسية، وأما الذين تقل أعمارهم عن هذا الحد فقد قبلتهم في فرقها التحضيرية ثم قسمت المدرسة إلى قسمين قسم الميكانيكا وقسم الكيميا وما إليها. وإنا سنقصر الكلام على القسم الثاني والتعليم الذي يتلقى فيه.

ترك الطلبة المدرسة بعد مكثهم خمسة أعوام أو ستة وهم على علم تام بالرياضيات العالية وعلوم الطبيعة والميكانيكا وغير ذلك من العلوم المرتبطة بعضها ببعض ولم يقل نصيبهم منها عن نصيب طلبة أكبر المعاهد الأوروبية وجامعاتهت وكانوا يصنعون بأيديهم دون مساعدة الصناع آلات بخارية وزراعية وعلمية وكلها تعرض للبيع وينالون أكبر الجوائز على صنع أيديهم في المعرض الدولية فكانوا من ثم عمالاً متعلمين تعلماً عملياً، عمالاً تلقنوا علوم الجامعة واكتسبوا ثقة أصحاب المعامل في روسيا.

أما الطرق التي اتبعت في تخريجهم كذلك فهي أن المدرسة لم تشجع طلبتها على حفظ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015