أولا: الفرق بين حقيقة كل من الخمر والمخدر والمفتر

لا يليق بمن يريد أن يبين الحكم الشرعي في تعاطي شيء من هذه الأنواع الثلاثة أن يتكلم في ذلك إلا بعد أن يعرف من خواصها وآثارها في متعاطيها وفي المجتمع ما يسهل له الرجوع بها إلى نصوص الشريعة عامها وخاصها، وينير له الطريق في الحكم عليها، وإلا كان كمن يقتحم لجة البحر ليسبح فيها وهو لا يحسن السباحة، وكان جريئا على القول على الله بغير علم، وقد نهى سبحانه عن ذلك في عموم قوله: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (?)

وفيما يلي بيان معانيها وخواصها: -

أ- الخمر: تطلق الخمر على معنى الستر والتغطية، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «خمروا آنيتكم واذكروا اسم الله (?)» وقوله للصحابة «فيمن وقصته ناقته فمات وهو محرم: لا تخمروا رأسه، ولا تمسوه طيبا؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا (?)»، ومنه تسمية ما تغطي به المرأة رأسها وتلقيه على نحرها وصدرها خمارا؛ لستره ذلك، قال الله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (?) ومنه الكلمة السائدة: " خمري أم عامري " ولذا سمي ما يغيب العقل ويغطيه خمرا في اللغة، مائعا كان أم جامدا؛ لسترها إياه، وحجبه عما كان يدركه من الأمور قبل تناول الخمر.

ويطلق أيضا على النضج والإدراك، ومنه خميرة العجين لما ترك منه حتى يتغير، ومنه تخمرت الفكرة، إذا تمادى الباحث عنها في بحثه حتى أدركها ومحصها وتمكنت من نفسه.

وتطلق أيضا على معنى الخلط والاختلاط، وهو تابع للمعنى الأول والثاني، ومنه " الخمر ما خامر العقل" سميت بذلك لمخامرتها العقل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015