ولهذا شاهد مماثل حيث قالوا إن لوالي القضاء أو المظالم الحق في نظر بعض القضايا دون الحاجة إلى متظلم أو رافع لدعوى فيها وذلك مثل نظره في تعدي الولاة على الرعية أو جور العمال فيما يجبون من أموال الناس بغير حق أو يبذلونه للناس بزيادة أو نقصان. وهذا يقتضيه حق إنصاف الغير من إنسان أو حيوان (?).
ثانيا: أن الدابة لا يقضى عليها ومن لا يقضى عليه لا يقضى له ويجاب عن ذلك بأن تعذر الشكوى من الدابة يوجب القضاء لها (?).
واستدل أصحاب الرأي الأول بما يلي:
أولا: ما وري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت (?)» وفي رواية «كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته (?)».
ففي هذا الحديث بيان لاستحقاق الإثم، والإثم لا يكون إلا في ارتكاب محرم أو ترك واجب مما يدل على وجوب الإنفاق، وتنفيذ الواجب لا يكون إلا عن طريق القضاء، للإلزام بحكمه مما يدل على وجوب القضاء في إجبار مالك البهيمة بالإنفاق عليها (?).
ثانيا: أن ترك الحيوان يموت جوعا تعذيب له بلا فائدة وتضييع للمال ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك (?) كما سبق آنفا.
ثالثا: أن في الإنفاق على الحيوان صونا له عن الهلاك (?) الذي تستحقه نفسه الرطبة لما لها من حرمة شرعية.