11 - قوله: «إن المسلم لا ينجس (?)» تمسك بمفهومه بعض أهل الظاهر، وحكاه في البحر عن الهادي والقاسم والناصر ومالك، فقالوا: إن الكافر نجس عين، وقووا ذلك بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (?) وأجاب عن ذلك الجمهور بأن المراد فيه أن المسلم طاهر الأعضاء لاعتياده مجانبة النجاسة بخلاف المشرك لعدم تحفظه عن النجاسة وعن الآية بأن المراد أنهم نجس في الاعتقاد والاستقذار وحجتهم على صحة هذا التأويل أن الله أباح نساء أهل الكتاب، ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من يضاجعهن ومع ذلك فلا يجب من غسل الكتابية إلا مثل ما يجب عليهم من غسل المسلمة، ومن جملة ما استدل به القائلون بنجاسة الكافر حديث إنزاله صلى الله عليه وسلم وفد ثقيف المسجد وتقريره لقول الصحابة: قوم أنجاس، لما رأوه أنزلهم المسجد، وقوله لأبي ثعلبة لما قال له: «يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم؟ قال: إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها (?)» وسيأتي في باب آنية الكفار.
وأجاب الجمهور عن حديث إنزال وفد ثقيف بأنه حجة عليهم لا لهم لأن قوله: «ليس على الأرض من أنجاس القوم شيء، إنما أنجاس القوم على أنفسهم» بعد قول الصحابة: قوم أنجاس صريح في نفي النجاسة الحسية التي هي محل نزاع، ودليل على أن المراد نجاسة الاعتقاد والاستقذار. وعن حديث أبي ثعلبة بأن الأمر بغسل الآنية ليس لكونها برطوباتهم بل لطبخهم الخنزير وشربهم الخمر فيما يدل على ذلك ما عند أحمد وأبي داود من حديث أبي ثعلبة أيضا بلفظ: «إن أرضنا أرض أهل كتاب، وإنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر، فكيف نصنع بآنيتهم وقدورهم (?)»؟ وسيأتي.
ومن أجوبة الجمهور عن الآية ومفهوم حديث الباب بأن ذلك تنفير عن الكفار وإهانة لهم، وهذا وإن كان مجازا فقرينته ما ثبت في الصحيحين