ومن خالفهم وسلك غير سبيلهم، لم يتبعهم بإحسان فلا يدخل في اتباعهم المرضي عنهم، ولأنه ليس للمتأخرين أن يخالفوا ما أجمع عليه العلماء قبلهم؛ لأن الإجماع حق وهو أحد الأصول الثلاثة التي يجب الرجوع إليها، ولا تجوز مخالفتها وهي الكتاب والسنة والإجماع، ولأن العلماء أجمعوا على شيء دخلت فيهم الطائفة المنصورة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تزال على الحق. أما التفقه في الدين والتماس حل المشكلات بالطرق الشرعية في المسائل التي جدت بين المسلمين ولم يتكلم فيها الأوائل، فهذا حق وليس فيه مخالفة للسابقين؛ لأن العلماء السابقين واللاحقين كلهم يوصون بتدبر الكتاب والسنة واستنباط الأحكام منهما، والاجتهاد فيما يعرض من المسائل المشكلة على ضوء الكتاب والسنة.
وليس هذا تجديدا مخالفا للسابقين، ولكنه تجديد سائر على منهج السابقين وعلى أصولهم، وقد صح في هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (?)». متفق على صحته، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة (?)» رواه الإمام مسلم في صحيحه، والله ولي التوفيق.