وإن قالوا: إن هذه أسماء لشيء واحد، وإنما هذه عبارة عن معبر واحد ولم ينزل منها شيء، ولا نزل الله على بشر من شيء، فهذا تكذيب لله ولرسوله، وخرق لإجماع المسلمين وموافقة لليهود الذين رد الله عليهم بقوله: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} (?).
وإن قالوا: بل قد أنزلت وهي متحدة، لزم أن يكون كل واحد من هذه الكتب قد أنزلت على كل واحد من هؤلاء الأنبياء الأربعة، ويكون نبينا- عليه السلام- قد أنزلت التوراة والإنجيل والزبور [عليه] (?)، وهذا قول من [لا حياء] (?) له، ثم هو دعوى مجردة تخالف إجماع الأمة.
وقولهم: إن كلام الله- تعالى- واحد، لا أول له ولا آخر (?)، ولا بعض، فهو باطل بما ذكرنا هاهنا وفيما سبق. ثم إنهم قد سلموا أن موسى - عليه السلام- سمع كلام الله وكلمه ربه، فيؤدي إلى أن يكون موسى قد شارك الله تعالى في علمه، وعلم ما في نفسه. وهذا يرده قول الله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} (?).
وإن كان قد سمع البعض، فلقد سلموا التبعيض، وقد سلموا أن القرآن كلام، وأنه غير مخلوق، وأنه مسموع مقروء محفوظ، فيلزم من قولهم: أن من سمع آية فقد سمع كلام الله وحفظ القرآن، ومن حفظ شيئا منه فقد [علمه] (?).