ينتصف منه وأن لا يلتفت إلى قرابة ولا غيرها، قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} (?) فأمر الله تعالى بالعدل والقسط في الأجانب والأقارب، وأمر بالتسوية بين الجميع في حكم الله تعالى، فأبطل ما كان عليه أمر الجاهلية من معونة القريب والحليف على غيره ظالما كان أو مظلوما، وكذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما " قالوا: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما فكيف أنصره إذا كان ظالما؟ قال: أن ترده عن الظلم، فذلك معونة منك له (?)» وكان حلف الجاهلية أن يرثه الحليف دون أقربائه، فنفى النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله «لا حلف في الإسلام (?)» التحالف على النصرة، والمحاماة من غير نظر في دين أو حكم، وأمر باتباع أحكام الشريعة دون ما يعقده الحليف على نفسه، ونفى أيضا أن يكون الحليف أولى بالميراث من الأقارب، فهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا حلف في الإسلام (?)» وأما قوله «وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة (?)» فإنه يحتمل أن الإسلام زاده شدة وتغليظا في المنع منه وإبطاله، فكأنه قال: إذا لم يجز الحلف في الإسلام ما فيه من تناصر المسلمين وتعاونهم، فحلف الجاهلية أبعد من ذلك. انتهى المقصود (?).