وهذه الآية الكريمة نص في وجوب الصلاة في الجماعة، والمشاركة للمصلين في صلاتهم، ولو كان المقصود إقامتها فقط لم تظهر مناسبة واضحة في ختم الآية بقوله سبحانه: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (?) لكونه قد أمر بإقامتها في أول الآية، وقال تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} (?). الآية.
فأوجب الله سبحانه أداء الصلاة في الجماعة في حال الحرب فكيف بحال السلم؟ ولو كان أحد يسامح في ترك الصلاة في جماعة لكان المصافون للعدو، المهددون بهجومه عليهم أولى بأن يسمح لهم في ترك الجماعة. فلما لم يقع ذلك، علم أن أداء الصلاة في جماعة من أهم الواجبات، وأنه لا يجوز لأحد التخلف عن ذلك. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا أن يصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب، إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم) (?)» الحديث. وفي صحيح مسلم: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق علم نفاقه، أو مريض، وإن كان المريض ليمشي بين الرجلين حتى يأتي الصلاة). وقال: (إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-علمنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه). وفيه أيضا عنه قال: (من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هذه الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله