هذا مع قدرة المسلمين فإن عجز المسلمون عن هذا فعليهم أن يتقوا الله وأن يستقيموا ويتحرزوا من شر أعدائهم وأن يجتهدوا في دعوتهم إلى الله وفي البعد عن الاختلاط بهم ومصادقتهم والأنس بهم والتشبه بأحوالهم حتى يسلموا من مكائدهم وحتى لا يخدعوهم بما هم عليه من الباطل والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق.
وهذا كله في غير الجزيرة العربية أمما في الجزيرة العربية فالواجب أن يمنعوا من دخولها وأن لا يبقوا فيها لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بقائهم فيها وأمر أن لا يبقى فيها إلا الإسلام وأن لا يجتمع فيها دينان وأمر بإخراج اليهود والنصارى وغيرهم من الجزيرة فلا يدخلوها إلا لحاجة عارضة ثم يخرجون كما أذن عمر للتجار أن يدخلوا في مدد محددة ثم يرجعوا إلى بلادهم وكما أقر النبي -صلى الله عليه وسلم- اليهود على العمل في خيبر لما احتيج إليهم ثم أجلاهم عمر.
فالحاصل أن الجزيرة العربية لا يجوز أن يقر فيها دينان لأنها معقل الإسلام ومنبع الإسلام فلا يجوز أن يقر فيها المشركون إلا بصفة مؤقتة لحاجة يراها ولي الأمر كما فعل عمر في التجار وكما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أهل خيبر حتى استغنى عنهم المسلمون فأجلاهم عمر رضي الله عنه.
ويجب على الرعية في الجزيرة العربية أن يساعدوا ولي الأمر وأن يجتهدوا مع ولي الأمر في عدم جلب المشركين وعدم التعاقد معهم وعدم استعمالهم في أي عمل وأن يستغنى عنهم بالعمال المسلمين فإن في ذلك كفاية وأن يختار من المسلمين من هم أولى في أخلاقهم ودينهم لأن بعض المسلمين قد يكون مسلما بالاسم لا بالحقيقة فينبغي للذي يستورد العمال أن ينظر وأن يتأمل وأن يختار العمال الطيبين من المسلمين دون غيرهم والله المستعان.