من الروايات التي أخذتها علماء الأمة بحثا وتنقيبا، ثم اتفقت كلمتهم على موافقة الشيخين تصديقا لها، وعملا بها، وتأويلا لما يحتاج التأويل منها.
فهذا الاتفاق من الأمة يثمر اعتقاد صدق ما فيهما في نفس الأمر.
ثامنا: قوله: لأن أهل الحديث وأهل العلم غلطوا مسلما والبخاري، وثبتوا أوهامهما. ليس له أي تأثير فيما نحن في إثباته. وجوابنا من وجوه:
أولا: إن بعض الحفاظ وإن انتقدوا ما يقارب بمائتين وعشرة أحاديث من الصحيحين، وبينوا عللها، إلا أن الأمة لم تقبل هذا النقد، واستمر العمل بما في هذين الكتابين من غير اعتداد بهذه الانتقادات، هذا وقد تولى بالتصريح بزيفها، والتوضيح بردها وإبطالها، والتبيين بخطأ من أخطأ عليهما، كثير من المحدثين، نذكر كلام بعض منهم:
قال النووي في "مقدمة شرح البخاري ": قد استدرك الدارقطني على البخاري ومسلم أحاديث فطعن في بعضها، وذلك الطعن مبني على قواعد لبعض المحدثين ضعيفة جدا، مخالفة لما عليه الجمهور من أهل الفقه والأصول وغيرهم فلا تغتر بذلك (?).
(2) وقال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي: ما احتج البخاري ومسلم به من جماعة علم الطعن فيهم من غيرهم، محمول على أنه لم يثبت الطعن المؤثر مفسر السبب (?).
(3) وقال الحافظ صلاح الدين العلائي: إذا جزم بالخبر وصححه واطلع غيره فيه على علة قادحة فيه قدمت على تصحيح ذاك، ما عدا تصحيح الشيخين لاتفاق الأمة على تلقي ذلك منهما بالقبول (?).