وأما مسلم فقد قال أبو الفضل محمد بن إبراهيم: سمعت أحمد بن سلمة يقول: رأيت أبا زرعة، وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشائخ عصرهما (?).
وقال النووي: أجمعوا على جلالته، وإمامته، وعلو مرتبته، وحذقه في هذه الصنعة، وتقدمه فيها، وتضلعه منها. وقال: هو أحد أعلام أئمة هذا الشأن المعترف له بالتقدم فيه بلا خلاف عند أهل الحذق والعرفان (?).
ومثله كثير في كتب التراجم تركناه مخافة الطول.
فكل هذه التصريحات دالة على جلالة الشيخين في هذا الشأن وتقدمهما على أهل عصرهما في معرفة الحديث وعلله.
وهذا التقدم هو الذي وقع عليه اختيار الحافظ ابن حجر كقرينة تنشئ وحدها الاطمئنان للقلب على صدق ما حكما عليه بالصحة، ويصلح أن يتحول إلى اليقين بانضمام أمر آخر معه.
أما القرينة الثالثة وهي:
تقدم الشيخين في معرفة صحيح الحديث من سقيمه، فهي وإن كانت من لوازم ما سبق من التصريحات من العلماء بتفضيلهما وتقديمهما على غيرهما مطلقا في الفن، إلا أن الحافظ ابن حجر - رحمه الله- حاول تثبيت رأيه بقرينة أبعد تأثيرا، وأدق تعبيرا، وأخص دلالة على المقصود نسبة إلى ما سبق من القرينة الثانية.