الثانية: وتقدمهما في تمييز الصحيح من الأحاديث عن الضعيف منهما على غيرهما.
وهذا ما صرح به الحافظ ابن حجر العسقلاني، إلا أنه اعتبر التلقي بالقبول، والإجماع على صحة ما فيهما كقرينة من إحدى القرائن. فجملة القول أن أحاديث " الصحيحين " احتفت بثلاث قرائن عند القائلين بقطعها.
فنحن نأخذ كل واحدة من هذه القرائن الثلاث ونتكلم عليها واحدة واحدة لكي تتجلى صحة اعتبارها، وقوة صلاحها لإفادة القطع. فنقول:
أما الإجماع والتلقي فلا يستراب في وقوعه، فقد صرح به كبار فقهاء الأمة الإسلامية، وحصول القطع بمثل هذا الإجماع أمر مجمع عليه عند أهل الحق والتحقيق من علماء الفقه والأصول.
قال أبو إسحاق الشيرازي من أئمة الشافعية:
خبر الواحد الذي تلقته الأمة بالقبول يقطع بصدقه سواء عمل الكل به، أو عمل البعض، وتأوله البعض (?).
وقال القاضي أبو يعلى الفراء من الحنابلة: الاستدلال يوجب العلم من أربعة أوجه:
أحدها: أن تتلقاه الأمة بالقبول، فدل ذلك على أنه حق، لأن الأمة لا تجتمع على الخطأ، ولأن قبول الأمة يدل على أن الحجة قد قامت عندهم بصحته (?).