قال السرخسي: واستحقاق الشفعة في الحمام والرحى قولنا- وذكر توجيه ذلك- بأنه لدفع ضرر البادئ بسوء المجاورة على الدوام وذلك فيما لا يحتمل القسمة موجود لاتصال أحد المالكين بالآخر على وجه التأبيد والقرار وحجتنا في ذلك ما روينا من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الشفعة في كل شيء ربع أو حائط (?)». ولأن الحمام لو كان مهدوما فباع أحد الشريكين نصيبه كان للشريك الشفعة وما يستحق بالشفعة مهدوما يستحق بالشفعة مثبتا كالشقص من الجدار ثم أجاب عن القول بأن علة الشفعة دفع ضرر مؤونة القسمة وأنه لا قسمة فيما لا يقبلها فقال: وبهذا يتبين أن مؤونة المقاسمة إن كانت لا تلحقه في الحال فقد تلحقه في الثاني وهو ما بعد الانهدام إذا طلب أحدهما قسمة الأرض بينهما. اهـ (?).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: اتفق الأئمة على ثبوت الشفعة في العقار الذي يقبل القسمة قسمة الإجبار كالقرية والبستان ونحو ذلك وتنازعوا فيما لا يقبل قسمة الإجبار وإنما يقسم بضرر أو رد عوض فيحتاج إلى التراضي، هل تثبت فيه الشفعة على قولين، أحدهما: تثبت وهو مذهب أبي حنيفة واختاره بعض أصحاب الشافعي كابن سريج وطائفة من أصحاب أحمد كأبي الوفاء بن عقيل وهي رواية المهذب عن مالك وهذا القول هو الصواب كما سنبينه إن شاء الله. والثاني: لا تثبت فيه الشفعة- ثم قال- والقول الأول أصح فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من كان له شريك في أرض أو ربعة أو حائط فلا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك فإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به (?)»، ولم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم في الأرض والربعة