بوجه مناسب ليس فيه تعسف وجب وقدم على مسلكي الترجيح والنسخ، كما هو مقرر في علم الأصول ومصطلح الحديث، وقد أمكن الجمع بينها هنا كما ذكرناه فلله الحمد.
وقد رجح الحافظ في الفتح الجمع بين الأحاديث بما ذكرته آنفا، وقال: قال الخطابي: والصورة التي لا تدخل الملائكة البيت الذي هي فيه ما يحرم اقتناؤه، وهو ما يكون من الصور التي فيها الروح مما لم يقطع رأسه أو لم يمتهن. اهـ.
وقال الخطابي أيضا - رحمه الله تعالى: إنما عظمت عقوبة المصور؛ لأن الصور كانت تعبد من دون الله، ولأن النظر إليها يفتن وبعض النفوس إليها تميل.
وقال النووي - رحمه الله - في شرح مسلم (باب تحريم تصوير صورة الحيوان وتحريم اتخاذ ما فيه صورة غير ممتهنة بالفرش ونحوه، وأن الملائكة - عليهم السلام - لا يدخلون بيتا فيه صورة أو كلب.
قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم، وهو من الكبائر؛ لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث، وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره فصنعته حرام بكل حال؛ لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى، وسواء ما كان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها، وأما تصوير صورة الشجر ورجال الإبل وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام.
هذا حكم نفس التصوير. وأما اتخاذ المصور فيه صورة حيوان؛ فإن كان معلقا على حائط أو ثوبا ملبوسا أو عمامة أو نحو ذلك مما لا يعد ممتهنا فهو حرام، وإن كان في بساط يداس ومخدة ووسادة ونحوها مما يمتهن فليس بحرام إلى أن قال: لا فرق في هذا كله بين ما له ظل وما لا ظل له.
هذا تلخيص مذهبنا في المسألة، وبمعناه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وهو مذهب الثوري ومالك وأبي حنيفة وغيرهم.