وهب وهو الصحيح على أصل مذهب مالك الذي رواه المدنيون عنه أن الماء لا ينجسه إلا ما غير أحد أوصافه، على ما جاء عنه - عليه الصلاة والسلام - في بئر بضاعة، وقد روى ابن وهب، وابن أبي أويس عن مالك، في جباب تحفر بالمغرب فتسقط فيها الميتة، فيتغير لون الماء وريحه، ثم يطيب بعد ذلك، أنه لا بأس به انتهى - فظهر وجود القولين أحدهما: قول ابن القاسم فيما نزح بعضه، فأحرى إذا لم ينزح منه شيء؛ لأنه لما لم يعتبر ذهاب التغير مع النزح كان عدم اعتباره مع عدم النزح أولى، بناء على أن المعتبر مخالطة المغير فيجب بقاء حكمه وإن زال التغير.
والثاني رواية ابن وهب وابن أبي أويس، وقد صححه ابن رشد، وهو الذي ارتضاه صاحب الطراز، وشيخه أبو بكر الطرطوش بضم الطاءين وبينهما راء. قال الطراز: ولقد عاينت في صهريج دار الشيخ أبي بكر هرا قد انتفخ وتزلع وتغير منه ريح الماء وطعمه ولونه فنزع الهر وترك الصهريج حتى ينزح فأقام شهرا ثم رفع منه الماء فإذا هو سالم الأوصاف فشرب ذلك الماء في داره وفيها ما يزيد على سبعين من أهل العلم وطلبته ولم ينزح منه دلو انتهى.
ولعل المصنف أشار إليهما بالاستحسان ثم أن كلامهما فيما لا مادة له أو لم ينزح منه شيء فما له مادة أو نزح بعضه أولى بالطهورية، وانظر ما الذي أنكره ابن عرفة هل القول بالطهورية أو القول بعدمها وليس في كلامه ما يدل على ذلك صريحا غير أن المتبادر من كلامه إنما هو إنكار القول بالطهورية كما يفهم ذلك من كلام ابن ناجي في شرح المدونة في الكلام على من توضأ من ماء ماتت فيه دابة، وكذا ذكر ابن الفاكهاني في شرح الرسالة القولين وشهر عدم الطهورية ونصه: أما إن كان المخالط نجسا فإن غير أحد أوصاف الماء فلا خلاف في نجاسته قليلا أو كثيرا مادام متغيرا فإن زال تغيره بعد فقولان: - أحدهما أنه كالبول فلا ينتقل حكمه وهو المشهور.
والثاني أنه يرجع إلى أصله من الطهارة أو التطهير وكذلك إن أزيل بعض الماء وسلمت أوصافه فالقولان انتهى. تنبيهان - وبعد أن ذكر حكم الماء المتغير بطاهر قال - الثاني إن زال تغيره بمخالطة ماء مطلق قليل فظاهر كلام المصنف أن فيه قولين، وقال البساطي في شرحه ولو جعل المصنف محل النزاع