لخشية تملك الوقف حينئذ لأن الأمور إذا ظنت مصلحتها في الحال لا نظر في إبطالها إلى احتمال مفسدة مستقبلة ولا نظر إلى أن العمارة إنما يحصل النفع بها للمستأجر فقط لأن مدته لا تفرغ إلا وقد عادت الدار خربة كما كانت لحصول غرض الواقف مع ذلك بعمارته لها وذلك الغرض هو بقاء العين الموقوفة منقلة عن ملك الآدميين لرقبتها مملوكة لله سبحانه وتعالى فيبقى ثوابه مستمرا حتى يجري عليه ولو لم ينتفع الموقوف عليه بريعها والصورة التي تكلمنا عليها أن الإجارة المذكورة تعينت طريقا لبقاء عين الوقف فإنه تداعى للسقوط ولم يوجد ما يعمر به من ريع حاصل والقرض. والأولى إذا خرب الوقف ولم ينهض بعمارته إلا أجرة مائة سنة أن يؤجر المدة المذكورة ليعمر جميعه بالأجرة لأن بقاء عين الوقف مقصود شرعا في غرض الواقف ولا نظر إلى خشية الإفضاء إلى تملكه لأن ذلك غير محقق وبالجملة فمتى أمكنت المبادرة إلى عمارة الوقف وبقاء عينه كما كانت فهو حسن فليفعل ذلك بكل طريق ممكن شرعي ويحترز عما يتوقع من المفسدات بما أمكن الاحتراز به ولا تترك المصالح المظنونة للمفاسد الموهومة. ا. هـ. حاصل كلام الولي رحمه الله تعالى وهو صريح لمن عنده أدنى تأمل لما ذكرته أنه لا بد في الحاجة المسوغة للإجارة الطويلة من عودها إلى عين الوقف لتوقع بقائها على ذلك ألا ترى إلى قوله عند الاحتياج لأجرة المدة المذكورة لأجل العمارة حسن يسوغ اعتماده إذا لم يكن للوقف حاصل يعمر به ولا وجد من يقرض القرض المحتاج إليه للعمارة بأقل من أجرة تلك المدة فإنه لا معنى لإجارة مدة مستقبلة بأجرة حالة من غير احتياج لذلك وإنما استحسناه، إلخ. فتأمل قوله (لأجل العمارة) وقوله (إذا لم يكن الوقف) إلخ وقوله (من غير احتياج لذلك) تجد ذلك كله كبقية كلامه صريحا فيما ذكرته من أنه لا يجوز إجارة المدة