والشافعي يقول: إذا أعار عبد الرجل ليرهنه فرهنه ثم إن صاحب الرهن قضى الدين بغير إذن المستعير وافتك الرهن رجع بالحق. وإذا استأجر جمالا ليركبها فهرب الجمال فأنفق المستأجر على الجمال رجع بما أنفق، وإذا ساقى رجلا على نخله فهرب العامل فاستأجر صاحب النخل من يقوم مقامه رجع عليه به واللقيط إذا أنفق عليه أهل المحلة ثم استفاد مالا رجعوا عليه. وإن أذن له في الضمان فضمن ثم أدى الحق بغير إذنه رجع عليه.

وأما المالكية والحنابلة فهم أعظم الناس قولا بهذا الأصل والمالكية أشد قولا به. ومما يوضح ذلك أن الحنفية قالوا في هذه المسائل: إن هذه الصور كلها أحوجته إلى استيفاء حقه أو حفظ ماله فلولا عمارة السفل لم يثبت العلو ولو لم يقض الوارث الغرماء لم يتمكن من أخذ حقه من التركة بالقسمة ولو لم يحفظ الرهن بالعلف لتلف محل الوثيقة ولو لم يستأجر على الشجر من يقوم مقام العامل لتعطلت الثمرة وحقه متعلق بذلك كله فإذا أنفق كانت نفقته ليتوصل إلى حقه بخلاف من أدى دين غيره فإنه لا حق له هناك يتوصل إلى استيفائه بالأداء فافترقا وتبين أن هذه القاعدة لا تلزمنا وأن من أدى عن غيره واجبا من دين أو نفقة على قريب أو زوجة فهو إما فضولي وهو جدير بأن يفوت عليه ما فوته على نفسه أو متفضل فحوالته على الله دون من تفضل عليه، فلا يستحق مطالبته. وزادت الشافعية وقالت: لما ضمن له المؤجر تحصيل منافع الجمال ومعلوم أنه لا يمكنه استيفاء تلك المنافع إلا بالعلف، دخل في ضمانه لتلك المنافع إذنه له في تحصيلها بالإنفاق عليها ضمنا وتبعا فصار ذلك مستحقا عليه بحكم ضمانه عن نفسه لا بحكم ضمان الغير عنه. يوضحه أن المؤجر والمساقي قد علما أنه لا بد للحي من قوام ولا بد للنخيل من سقي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015