الفرق بين الحيوان والدار ظاهر لحاجة الحيوان إلى الإنفاق ووجوبه على مالكه بخلاف عمارة الدار فإن صح الفرق بطل السؤال وإن بطل الفرق ثبت الاستواء في الحكم.
فإن قيل: في هذا مخالفة للأصول من وجهين أحدهما: أنه إذا أدى عن غيره واجبا بغير إذنه كان متبرعا. ولم يلزمه القيام له بما أداه عنه. الثاني: أنه لو لزمه عوضه فإنما يلزمه نظير ما أداه فأما أن يعاوض عليه بغير جنس ما أداه بغير اختياره فأصول الشرع تأبى ذلك.
قيل: هذا هو الذي ردت به هذه السنة ولأجله تأولها من تأولها على أن المراد بها أن النفقة على المالك فإنه الذي يركب ويشرب وجعل الحديث دليلا على جواز تصرف الراهن في الرهن بالركوب والحلب وغيره. ونحن نبين ما في هذين الأصلين من حق وباطل.
فأما الأصل الأول فقد دل على فساده القران والسنة وآثار الصحابة والقياس الصحيح ومصالح العباد أما القرآن فقوله تعالى
{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (?).
وقد تقدم تقرير الدلالة منه وقد اعترض بعضهم على هذا الاستدلال بأن المراد به أجورهن المسماة فإنه أمر لهم بوفائها. لا أمر لهم بإيتاء ما لم يسموه من الأجرة ويدل عليه قوله تعالى {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} (?) وهذا التعاسر إنما يكون حال العقد بسبب طلبها الشطط من الأجر أو حطها عن أجرة المثل وهذا اعتراض فاسد فإنه ليس في الآية ذكر التسمية ولا يدل عليها بدلالة من الدلالات الثلاث أما اللفظيتان فظاهر وأما اللزومية فلانفكاك التلازم بين الأمر بإيتاء الأجر وبين تقدم تسميته وقد