ومواردها علم أن الله تعالى ورسوله سد الذرائع المفضية إلى المحارم بأن حرمها ونهى عنها، والذريعة: ما كان وسيلة وطريقا إلى الشيء.
ولا بد من تحرير هذا الموضع قبل تقريره ليزول الالتباس فيه، فنقول:
الفعل أو القول المفضي إلى المفسدة قسمان: أحدهما: أن يكون وضعه للإفضاء إليها كشرب المسكر المفضي إلى مفسدة السكر، وكالقذف المفضي إلى مفسدة الفرية، والزنا المفضي إلى اختلاط المياه وفساد الفراش، ونحو ذلك، فهذه أفعال وأقوال وضعت مفضية لهذه المفاسد وليس لها ظاهر غيرها. والثاني: أن تكون موضوعة للإفضاء إلى أمر جائز أو مستحب، فيتخذ وسيلة إلى المحرم إما بقصده أو بغير قصد منه، فالأول كمن يعقد النكاح قاصدا به التحليل أو يعقد البيع قاصدا به الربا، أو يخالع قاصدا به الحنث ونحو ذلك. والثاني كمن يصلي تطوعا بغير سبب في أوقات النهي. أو يسب أرباب المشركين بين أظهرهم أو يصلي بين يدي القبر لله ونحو ذلك. ثم هذا القسم من الذرائع نوعان أحدهما: أن تكون مصلحة الفعل أرجح من مفسدته. والثاني: أن تكون مفسدته راجحة على مصلحته: فهاهنا أربعة أقسام: الأول وسيلة موضوعة للإفضاء إلى المفسدة. الثاني: وسيلة موضوعة للمباح قصد بها التوسل إلى المفسدة. الثالث: وسيلة موضوعة للمباح لم يقصد بها التوسل إلى المفسدة لكنها مفضية إليها غالبا ومفسدتها أرجح من مصلحته الرابع: وسيلة موضوعة للمباح وقد تفضي إلى المفسدة ومصلحته أرجح من مفسدتها. فمثال القسم الأول والثاني قد تقدم ومثال الثالث الصلاة في أوقات النهي ومسبة آلهة المشركين بين ظهرانيهم وتزين المتوفى زوجها عنها في زمن عدتها وأمثال ذلك. ومثال الرابع: