مطالعة الحقائق بلا حجاب ولا خصوصية ولا بقاء للغير، والغيرية عينا وأثرا وهو مقام السحق والمحق والدك وفناء الفناء، فليس في هذا إلا معاينة الحق في الحق للحق بالحق (فلم يبق إلا الله لا شئ غيره، فما ثم موصول وما ثم واصل).

ثم حياة وهي تمييز المراتب بمعرفة جميع خصوصياتها ومقتضياتها ولوازمها وما تستحقه من كل شيء ومن أي حضرة كل مرتبة منها، ولماذا وجدت وماذا يراد منها وما يؤول إليه أمرها، وهو مقام إحاطة العبد بعينه ومعرفته بجميع خصوصياته وأسراره ومعرفة ما هي الحضرة الإلهية وما هي عليه من العظمة والجلال والنعوت العلية والكمال معرفة ذوقية ومعاينة يقينية، وصاحب هذه المرتبة هو الذي تشق إليه المهامة في طلبه، لكن مع هذه الصفة فيه كمال إذن الحق له إذنا خاصا في هداية عبيده وتوليته عليهم بإشاردهم إلى الحضرة الإلهية، فهذا هو الذي يستحق أن يطلب وهو المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم - لأبى جحيفة «سل العلماء وخالط الحكماء واصحب الكبراء» وصاحب هذه المرتبة هو المعبر عنه بالكبير، ومتى عثر المريد على من هذه صفته فلازم في حقه أن يلقي نفسه بين يديه كالميت بين يدي غاسله لا اختيار له ولا إرادة ولا عطاء له ولا إفادة؛ وليجعل همته منه تخليصه من البلية التي أغرق فيها إلى كمال الصفاء بمطالعة الحضرة الإلهية بالإعراض عن كل ما سواها، ولينزه نفسه عن جميع الاختيارات - والمرادات مما سوى هذا. ومتى أشار عليه بفعل أوامر فليحذر من سؤاله بلم وكيف وعلام ولأي شيء، فإنه باب المقت والطرد، وليعتقد أن الشيخ أعرف بمصالحه منه وأي مدرجة أدرجه فيها فإنه يجري به في ذلك على ما هو لله بالله بما فيها إخراجه عن ظلمة نفسه وهواها. . .) إلخ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015