إحداها: أن لا ينغصه البذل ولا يصعب عليه فهو منزلة " السخاء ".
الثانية: أن يعطي الأكثر ويبقى له شيء. أو يبقي مثل ما أعطى. فهو الجود ".
الثالثة: أن يؤثر غيره بالشيء مع حاجته إليه وهو مرتبة " الإيثار " وعكسها " الأثرة " وهو استئثاره عن أخيه بما هو محتاج إليه. وهي المرتبة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار رضي الله عنهم: «لا إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض (?)» والأنصار: هم الذين وصفهم الله بالإيثار في قوله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (?) فوصفهم بأعلى مراتب السخاء وكان ذلك فيهم معروفا.
وكان قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما من الأجواد المعروفين. حتى أنه مرض مرة فاستبطأ إخوانه في العيادة. فسأل عنهم، فقالوا: إنهم كانوا يستحيون مما لك عليهم من الدين. فقال: أخزى الله مالا يمنع الإخوان من الزيارة. ثم أمر مناديا ينادي: من كان لقيس عليه مال فهو منه في حل. فما أمسى حتى كسرت عتبة بابه لكثرة من عاده.
وقالوا له يوما: هل رأيت أسخى منك؟ قال: نعم: نزلنا بالبادية على امرأة فحضر زوجها. فقالت إنه نزل بك ضيفان. فجاء بناقة فنحرها وقال شأنكم، فلما كان من الغد جاء بأخرى فنحرها. فقلنا: ما أكلنا من التي نحرت البارحة إلا اليسير. فقال إني لا أطعم ضيفاني