ذكر أهل العلم أنه من كلام نافع الراوي عن ابن عمر، وليس هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة بما تقدم، وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته على أنه يزوجه الآخر ابنته أو أخته، ولم يقل وليس بينهما صداق فدل ذلك على أن تسمية الصداق أو عدمها لا أثر لها في ذلك، وإنما المقتضي للفساد هو اشتراط المبادلة.
وفي ذلك فساد كبير لأنه يفضي إلى إجبار النساء على نكاح من لا يرغبن فيه إيثارا لمصلحة الأولياء على مصلحة النساء. وذلك منكر وظلم للنساء، ولأن ذلك أيضا يفضي إلى حرمان النساء من مهور أمثالهن، كما هو الواقع بين الناس المتعاطين لهذا العقد المنكر إلا من شاء الله، كما أنه كثيرا ما يفضي إلى النزاع والخصومات بعد الزواج، وهذا من العقوبات العاجلة لمن خالف الشرع، وروى أحمد وأبو داود بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن هرمز «أن العباس بن عبد الله بن عباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته وأنكحه عبد الرحمن ابنته وكانا جعلا صداقا فكتب معاوية إلى أمير المدينة مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما، وقال في كتابه: هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (?)». فهذه الحادثة التي وقعت في عهد أمير المؤمنين معاوية توضح لنا معنى الشغار الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في الأحاديث المتقدمة، وأن تسمية الصداق لا تصحح النكاح ولا تخرجه عن كونه شغارا لأن العباس بن عبد الله وعبد الرحمن بن الحكم قد سميا صداقا ولكن لم يلتفت معاوية رضي الله عنه إلى هذه التسمية وأمر بالتفريق بينهما، وقال: هذا هو الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعاوية رضي الله عنه أعلم باللغة العربية وبمعاني أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم من نافع مولى ابن عمر رضي الله عن الجميع.
ومن المسائل المنكرة في النكاح ما يفعله بعض الناس من إجبار ابنته أو أخته أو بنت أخيه على نكاح من لا ترضى بنكاحه، وذلك منكر ظاهر وظلم للنساء لا يجوز للأب ولا لغيره من الأولياء أن يتعاطاه لما في ذلك