هم نجس دينا عن المسجد الحرام، وأن لا يقربوه بعد نزول هذه الآية، وكان نزولها في سنة تسع، ولهذا بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليا صحبة أبي بكر - رضي الله عنهما - عامئذ، وأمره أن ينادي في المشركين: «أن لا يحج بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان (?)»، فأتم الله ذلك وحكم به شرعا وقدرا.
وقال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (?) إلا أن يكون عبدا أو أحدا من أهل الذمة. وقد روي مرفوعا من وجه آخر، فقال الإمام أحمد: حدثنا حسن، حدثنا شريك، عن الأشعث - يعني ابن سوار - عن الحسن، عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يدخل مسجدنا بعد عامنا هذا مشرك إلا أهل العهد وخدمهم (?)»، تفرد به الإمام أحمد مرفوعا، والموقوف أصح إسنادا.
وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي: كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أن امنعوا اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين، وأتبع نهيه قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (?) وقال عطاء: الحرم كله مسجد؛ لقوله تعالى {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (?) ودلت هذه الآية الكريمة على نجاسة المشرك كما ورد في الصحيح: «المؤمن لا ينجس (?)».
وأما نجاسة بدنه فالجمهور على أنه ليس بنجس البدن والذات؛ لأن الله تعالى أحل طعام أهل الكتاب، وذهب بعض الظاهرية إلى نجاسة أبدانهم، وقال أشعث عن الحسن: من صافحهم فليتوضأ، رواه ابن جرير " (?).