أولا: اختلف أهل العلم في حكم السفر بالقرآن إلى أرض العدو، وفيما يلي ذكر أقوالهم وأدلتهم والمناقشة.

قال البخاري:

باب كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو، وكذلك يروى عن محمد بن بشر، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وتابعه ابن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، «عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد سافر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في أرض العدو وهم يعلمون القرآن»، حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو (?)».

وقال ابن حجر:

قوله: (باب كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو) سقط لفظ كراهية إلا للمستملي فأثبتها، وبثبوتها يندفع الإشكال الآتي. قوله: (وكذلك يروى عن محمد بن بشر عن عبيد الله) هو ابن عمر (عن نافع عن ابن عمر)، وتابعه ابن إسحاق عن نافع، أما رواية محمد بن بشر فوصلها إسحاق بن راهويه في مسنده عنه، ولفظه: «كره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو؛ مخافة أن يناله العدو (?)»، قال الدارقطني والبرقاني لم يروه بلفظ الكراهة إلا محمد بن بشر، وأما متابعة ابن إسحاق فهي بالمعنى؛ لأن أحمد أخرجه من طريقه بلفظ: «نهى أن يسافر بالمصحف إلى أرض العدو (?)»، والنهي يقتضي الكراهة؛ لأنه لا ينفك عن كراهة التنزيه أو التحريم، قوله: (وقد سافر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في أرض العدو وهم يعلمون القرآن) أشار البخاري بذلك إلى أن المراد بالنهي عن السفر بالقرآن السفر بالمصحف خشية أن يناله العدو، لا السفر بالقرآن نفسه، وقد تعقبه الإسماعيلي بأنه لم يقل أحد: إن من يحسن القرآن لا يغزو العدو في دارهم، وهو اعتراض من لم يفهم مراد البخاري، وادعى المهلب أن مراد البخاري بذلك تقوية القول بالتفرقة بين العسكر الكثير والطائفة القليلة، فيجوز في تلك دون هذه، والله أعلم.

ثم ذكر المصنف حديث مالك في ذلك وهو بلفظ: «نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو (?)»، وأورده ابن ماجه من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن مالك وزاد: «مخافة أن يناله العدو (?)»، ورواه ابن وهب عن مالك فقال: «خشية أن يناله العدو (?)»، وأخرجه أبو داود عن القعنبي عن مالك فقال: قال مالك: أراه مخافة. فذكره قال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015