الدليل الثالث:
ما رواه ابن حزم عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب «أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حمارا، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشرب، فأتي به يوما فأمر به فجلد، فقال رجل في القوم: اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به. فقال رسول صلى الله عليه وسلم: لا تلعنوه فوالله ما علمته إلا يحب الله ورسوله (?)».
وناقش ابن حزم هذا الحديث قائلا: وأما حديث زيد بن أسلم الذي من طريق معمر عنه فمنقطع، ثم لو صح لما كانت فيه حجة؛ لأنه ليس فيه أن ذلك كان بعد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتل، فإذ ليس ذلك فيه فاليقين الثابت لا يحل تركه للضعيف الذي لا يصح، ولو صح لكان ظنا فسقط التعلق به جملة.
ولو أن إنسانا يجلده النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر ثلاث مرات قبل أن يأمر بقتله في الرابعة لكان مقتضى أمره صلى الله عليه وسلم استئناف جلده بعد ذلك ثلاث مرات، ولا بد لأنه عليه السلام حين لفظ بالحديث المذكور أمر في المستأنف بضربه إن شرب، ثم بضربه إن شرب ثانية، ثم بضربه ثالثة، ثم بقتله رابعة، هذا نص حديثه وكلامه عليه السلام، فإنما كان يكون حجة لو بين أنه أتى به أربع مرات بعد أمره عليه السلام بقتله في الرابعة، وهكذا القول سواء بسواء في حديث عمر الذي من طريق سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم.
وأجيب عن ذلك بما يلي:
أولا: هذا الحديث أخرجه البخاري في الصحيح فقال: حدثنا يحيى بن بكير حدثني الليث قال: حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب «أن رجلا كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله وكان يلقب حمارا، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب، فأتي به يوما فأمر به فجلد فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله (?)».
قال ابن حجر على هذا الحديث وفيه ما يدل على نسخ الأمر الوارد بقتل شارب