كلمة عن ابن قدامة وابن تيمية في التعزير

كلمة عن التعزير:

قال أبو محمد ابن قدامة في المغني (مسألة) قال: (ولا يبلغ التعزير الحد).

التعزير هو العقوبة المشروعة على جناية لا حد فيها، كوطء الشريك الجارية المشتركة، أو أمته المزوجة، أو جارية ابنه، أو وطء امرأته في دبرها أو حيضها، أو وطء أجنبية دون الفرج، أو سرقة ما دون النصاب، أو من غير حرز، أو النهب أو الغصب أو الاختلاس، أو الجناية على إنسان بما لا يوجب حدا ولا قصاصا ولا دية، أو شتمه بما ليس بقذف ونحو ذلك يسمى تعزيرا؛ لأنه منع من الجناية.

والأصل في التعزير المنع، ومنه التعزير بمعنى النصرة؛ لأنه منع لعدوه من أذاه، واختلف عن أحمد في قدره، فروي عنه أنه لا يزاد على عشر جلدات، نص أحمد على هذا في مواضع، وبه قال إسحاق: لما روى أبو بردة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى (?)» متفق عليه.

والرواية الثانية: لا يبلغ به الحد، وهو الذي ذكره الخرقي، فيحتمل أنه أراد لا يبلغ به أدنى حد مشروع، وهذا قول أبي حنيفة والشافعي، فعلى هذا لا يبلغ به أربعين سوطا؛ لأنها حد العبد في الخمر والقذف، وهذا قول أبي حنيفة، وإن قلنا: إن حد الخمر أربعون لم يبلغ به عشرين سوطا في حد العبد، وأربعين في حد الحر، وهذا مذهب الشافعي، فلا يزاد العبد على تسعة عشر سوطا، ولا الحر على تسعة وثلاثين سوطا.

وقال ابن أبي ليلى وأبو يوسف: أدنى الحدود ثمانون فلا يزاد في التعزير على تسعة وسبعين، ويحتمل كلام أحمد والخرقي أنه لا يبلغ كل جناية حدا مشروعا في جنسها، ويجوز أن يزيد مائة إلا سوطا؛ لينقص عن حد الزنا، وما كان سببه غير الوطء لم يبلغ به أدنى الحدود؛ لما روي عن النعمان بن بشير في الذي وطئ جارية امرأته بإذنها بجلد مائة، وهذا تعزير؛ لأنه في حق المحصن وحده إنما هو الرجم.

وعن سعيد بن المسيب عن عمر في أمة بين رجلين وطئها أحدهما، يجلد الحد إلا سوطا واحدا، رواه الأثرم واحتج به أحمد، قال القاضي: هذا عندي من نص أحمد لا يقتضي اختلافا في التعزير، بل المذهب أنه لا يزاد على عشر جلدات؛ اتباعا للأثر إلا في وطء جارية امرأته؛ لحديث النعمان، وفي الجارية المشتركة؛ لحديث عمر، وما عداهما يبقى على العموم؛ لحديث أبي بردة، وهذا قول حسن.

وإذا ثبت تقدير أكثر فليس أقله مقدرا؛ لأنه لو تقدر لكان حدا، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قدر أكثره ولم يقدر أقله، فيرجع فيه إلى اجتهاد الإمام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015