وقال ابن قدامة: والرواية الثانية أن الحد أربعون، وهو اختيار أبي بكر ومذهب الشافعي (?). انتهى. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا أوجه القولين (?).
واستدل لهذا القول بما روى أبو ساسان قال: «لما شهد على الوليد بن عقبة، قال عثمان لعلي: دونك ابن عمك فاجلده. قال: قم يا حسن فاجلده. قال: فيما أنت وذاك ول هذا غيري. قال: ولكنك ضعفت وعجزت ووهنت. فقال: قم يا عبد الله بن جعفر فاجلده وعلي يعد ذلك، فعد أربعين، وقال: جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر أربعين، وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين، وكل سنة (?)». أخرجه البيهقي.
وأخرج مسلم عن حصين بن المنذر قال: «شهدت عثمان بن عفان أتي بالوليد وقد صلى الصبح ركعتين ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب، وشهد آخر أنه رآه يتقيؤها فقال عثمان: إنه لم يتقيأها حتى يشربها. فقال: يا يا علي قم فاجلده. فقال علي: قم يا حسن فاجلده. فقال الحسن: ول حارها من تولى قارها، فكأنه وجد عليه. فقال: يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين فقال: أمسك. ثم قال: جلد النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة، وهذا أحب إلي (?)».
وأما كون الزيادة عن الأربعين راجعة إلى رأي الإمام، فقد استدلوا لذلك بما رواه أبو وبرة الكلبي قال: أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر رضي الله عنه، فأتيته ومعه عثمان وعبد الرحمن بن عوف وعلي وطارق والزبير رضي الله عنهم، فقلت: إن خالد بن الوليد رضي الله عنه يقرأ عليك السلام ويقول: إن الناس قد انهمكوا في الخمر، وتحاقروا العقوبة فيه.
قال عمر: هم هؤلاء عندك فسلهم، فقال: تراه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون. فقال عمر: بلغ صاحبك ما قالوا. فجلد خالد ثمانين، وجلد عمر ثمانين.
وقال: وكان عمر إذا أتي بالرجل القوي المنهمك في الشراب جلده ثمانين، وإذا أتي بالرجل الضعيف الذي كانت منه زلة جلده أربعين (?).