يحتاجان إلى بيان نوعه؛ لأنه لا ينقسم إلى ما يوجب الحد وإلى ما لا يوجبه، بخلاف الزنا فإنه يطلق على الصريح وعلى دواعيه؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العينان تزنيان، واليدان تزنيان، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه (?)» فلهذا احتاج الشاهدان إلى تفسيره، وفي مسألتنا لا يسمى غير المسكر مسكرا فلم يفتقر إلى ذكر نوعه، ولا يفتقر في الشهادة إلى ذكر عدم الإكراه ولا إلى ذكر علمه أنه مسكر؛ لأن الظاهر الاختيار والعلم وما عداهما نادر بعيد، فلم يحتج إلى بيانه؛ ولذلك لم يعتبر ذلك في شيء من الشهادات، ولم يعتبره عثمان في الشهادة على الوليد بن عقبة، ولا اعتبره عمر في الشهادة على قدامة بن مظعون ولا في الشهادة على المغيرة بن شعبة، ولو شهدا بعتق أو طلاق لم يفتقر إلى ذكر الاختيار كذا هاهنا (?) انتهى.
وجاء في حاشية المقنع على قوله: (وهل يجب الحد بوجود الرائحة على روايتين إحداهما: لا يحد وهو قول عامة أهل العلم منهم الثوري وأبو حنيفة والشافعي، وعنه يحد وهو قول مالك؛ لأن ابن مسعود رضي الله عنه جلد رجلا وجد منه رائحة الخمر، وعنه يحد إذا لم يدع شبهة، قال ابن أبي موسى: وهي أظهر عن أحمد واختارها ابن عبدوس في تذكرته، والشيخ تقي الدين.
ووجه الأول أنه يحتمل أنه تمضمض بها، أو ظنها ماء فلما صارت في فيه مجها أو ظنها لا تسكر، أو كان مكرها (?) انتهى.
وجاء في الإنصاف على قول ابن قدامة وهل يحد بوجود الرائحة؟ على روايتين وأطلقهما في مسبوك الذهب وتجريد العناية ونهاية ابن رزين، إحداهما لا يحد وهو المذهب صححه المصنف والشارح وابن منجا في شرحه وصاحب الخلاصة والتصحيح وغيره، وجزم به في الوجيز والمنور. والرواية الثانية: يحد إذا لم يدع شبهة قال ابن أبي موسى في الإرشاد هذه أظهر عن الإمام أحمد - رحمه الله - واختارها ابن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي الدين - رحمه الله - وقدمها في المستوعب، وعنه يحد وإن ادعى شبهة. ذكرها في الفروع. وذكر هذه المسألة في باب حد الزنا، وأطلقهن في تجريد العناية ونقل الجماعة عن الإمام أحمد - رحمه الله - يؤدب برائحته. واختاره الخلال كالحاضر مع من يشربه، فائدتان: