من هذا يتبين أن المادة تدور على معنى الضعف والكسل والفتور. ومعنى الظلمة والسير والغموض، وعلى معنى البرودة ومعنى لزوم الشيء والإقامة به، ويتبع ذلك الجبن والشاخر والخيرة والتردد والتبلد وعدم الغيرة. وكل هذه المعاني متحققة فيمن يتعاطى المخدرات مائعها وجامدها.
وأما المفتر: فهو مأخوذ من التفتير والإفتار وهو ما يورث ضعفا بعد قوة، وسكونا بعد حدة وحركة، واسترخاء بعد صلابة، وقصورا بعد نشاط، يقال: فتره الأفيون مثلا يفتره تفتيرا وأفتره يفتره إفتارا إذا أصابه بما ذكر من الضعف والقصور والاسترخاء، ففتر يفتر، ويفتر لان بعد شدة واسترخى بعد صلابة، وضعف بعد قوة، وكسل بعد نشاط، وكل هذه الآفات متحققة فيمن يتعاطى المخدرات على اختلاف أنواعها مائعها وجامدها.
مما تقدم يتبين أن بين الثلاثة صلة وثيقة، ونسبا قويا، وإن اختلفت مفاهيمها، فإن كلا منها يجني على العقل، يعبث به، ويذهب برشده، ويقضي على صوابه، فلا يكاد يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا، ويجني على الأعصاب وسائر قوى البدن والأخلاق حيرة واضطرابا وذبولا وضعفا ومرضا، ورخاوة وفتورا وجبنا وخورا. ومن هنا أيضا كان شربها أو تناولها جناية على الدين ومدرجة لانتهاك الحرمات، والاعتداء على النفوس والأعراض ومضيعة للأموال، وفي ذلك إخلال بكليات الشريعة العليا. ومقاصدها الضرورية التي علم من الإسلام وجوب المحافظة عليها، والتي فرض الله الحدود والتعزيرات من أجل صيانتها من قريب ومن بعيد؛ تحقيقا لأمن الأمة وتطهيرا للمجتمع مما يدنسه، ويقضي على راحته وطمأنينته وسيأتي بيان مضار استعمالها بعنوان:
"دراسات حديثة تؤيد وجهة نظر فقهاء الإسلام " إن شاء الله تعالى.