ثانيا: كلام بعض علماء التفسير وشراح الحديث على نصوص من الكتاب والسنة تتعلق بعقوبة الحرابة والإفساد في الأرض مع المناقشة.
لما كان موضوع سطو المجرمين على الناس في بيوتهم أو طرقاتهم وأسفارهم وخطفهم أو مخادعتهم للاعتداء عليهم في أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم، وكذا المخدرات وما يتعلق بها وثيق الصلة بالحرابة والإفساد في الأرض؛ كان لا بد من الكلام عليهما، وبيان الحكم فيهما لينتقل من ذلك إلى بيان الحكم في موضوع البحث وتفصيله في جزئياته التي اقترحها المجلس في الدورة السابعة عشرة، فلنبدأ بجمع النقول في ذلك من بعض كتب التفسير، وكتب شراح الحديث.
قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (?) الآيتين.
هذا بيان من الله - عز ذكره - عن حكم الفساد في الأرض الذي ذكره في قوله: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} (?)، أعلم عباده ما الذي يستحق المفسد في الأرض من العقوبة والنكال فقال - تبارك وتعالى - لا جزاء له في الدنيا إلا القتل والصلب وقطع اليد والرجل من خلاف، أو النفي من الأرض خزيا له، وأما في الآخرة إن لم يتب في الدنيا فعذاب أليم.
ثم اختلف أهل التأويل فيمن نزلت هذه الآية فقال بعضهم نزلت في قوم من أهل الكتاب كانوا أهل موادعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنقضوا العهد، وأفسدوا في الأرض؛ فعرف الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - الحكم فيهم.