فعلى العبد أن يكون قلبه معتمدًا على الله، لا على الأسباب، والله ييسر له من الأسباب ما يصلح شأنه في الدنيا والآخرة، فإن كانت الأسباب مقدرة له وهو مأمور بها فعلها مع التوكل على الله في إتمام النتيجة، كما يؤدي الفرائض، وكما يجاهد العدو، ويحمل السلاح، ويلبس جنة الحرب، ولا يكتفي في دفع العدو على مجرد توكله بدون أن يفعل ما أمر به من الجهاد، ومن ترك الأسباب المأمور بها، فهو عاجز مفرط مذموم (?)

بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي جعلها الله مقتضيات لمسبباتها قدرًا وشرعا، وتعطيلها يقدح في نفس التوكل، كما يقدح في الأمر والحكمة، ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل، فإن ترك الأسباب عجز ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد أو دفع ما يضره في دينه ودنياه (?) مع الأخذ بالأسباب لأن قيام العبد بالأسباب المأمور بها محض العبودية فإن لم يقم بها كان معطلاً للحكمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015