فقد حرم عليكم الشرك به، وحرم عليكم عبادة غيره، وحرم عليكم تعلقكم بغير الله، وأوجب عليكم عبادة الله، وإخلاص الدين له، ومحمد صلى الله عليه وسلم من أعظم الخلق هروبًا عن الشرك وتحذيرًا منه، وهو القائل: «اللهم لا تجعل قبري ثنًا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (?) وهو القائل: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (?) تقول عائشة: يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدًا. إن الدعوة إلى التوحيد وتأصيله في النفوس أمر مهم فوق كل الأعمال؛ لأن صحة هذا التوحيد وسلامته من مضادّه سبب لصلاح الأعمال والأقوال، وإن فساد هذا التوحيد فساد لكل الأعمال، قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}، فالأعمال إذا اختلت، ضعفت العقيدة في القلب، وضعف اليقين في القلب، فكل الأعمال تعتبر باطلة وحابطة، لا اعتبار لها ولا ميزان لها، وإنما ينظر في الأعمال عندما تصح العقيدة عندما يقوى الإيمان في