حقيقيًّا من غير المحارم (الأجانب) وتتجنبهم جبلة، فتنبهها خلقتها الضعيفة – تنبيهًا جادًّا – إلى التستر وتُدفع إلى ذلك، ليحول دون إثارة شهوة غير المحارم، وليمنع التّجاوز عليها، وتدلّها فطرتها على أن حجابها هو قلعتها الحصينة، وخندقها الأمين {فَلا يُؤْذَيْنَ}.
ولقد طرق أسماعنا أن صبّاغ أحذية، قد تعرض إلى زوج رجل ذي منصب دنيويّ كبير، كانت مكشوفة المفاتن، وراودها نهارًا جهارًا في قلب العاصمة (أنقرة)، أليس هذا الفعل الشنيع صفة قوية على وجود أولئك الذين لا يعرفون معنى الحياء، من أعداء العفة والفضيلة.
الحكمة الثانية: أن العلاقة الوثيقة والحبّ العميق بين الرجل والمرأة المسلمين، ليسا ناشئين عمّا تتطلّبه الحياة الدنيا، من حاجات فطرية فحسب، فالمرأة ليست صاحبة زوجها في حياة دنيوية وحدها، بل هي رفيقته في حياة أبدية خالدة أيضًا، فما دامت هي صاحبته في حياة باقية، فينبغي لها ألا تلفت نظر غير رفيقها الأبديّ، وصديقها الخالد، إلى مفاتنها وألاّ تزعجه، ولا تحمله على الغضب وسوء الظن والغيرة.
وحيث إن زوجها المؤمن – بحكم إيمانه – لا يحصر محبته لها في حياة دنيويّة فقط، ولا توليها محبة حيوانية قاصرة على وقت جمالها، وزمن حسنها، وإنما يكنّ لها حبًّا واحترامًا خالصين دائمين، حتى وقت شيخوختها، وزوال نضارتها وحسنها، بل يدومان إلى حياة خالدة أبدية بعد الموت.