أ- ثبت أن كتابة المصحف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي جمعه في عهد أبي بكر، وجمعه في عهد عثمان رضي الله عنهما كانت بالحروف العربية، بل قصد عثمان رضي الله عنه رسما معينا أمر بكتابته به عند اختلاف كتبة المصحف من الأنصار والقرشيين في رسم الحروف، ووافقه على ذلك الصحابة رضي الله عنهم، وأجمع عليه التابعون ومن بعدهم إلى عصرنا، رغم وجود لغات وحروف غير عربية ووجود كتبة مسلمين من غير العرب ووجود من يحتاج إلى تسهيل القراءة في المصحف بحروف غير عربية، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي (?)» فكانت المحافظة على كتابة المصحف بالحروف العربية واجبة عملا بما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، وسائر الصحابة رضي الله عنهم والقرون المشهود لها بالخير وعملا بإجماع الأمة.
ب- أن الحروف اللاتينية نوع من الحروف المصطلح على الكتابة بها عند أهلها، فهي قابلة للتغيير والتبديل بحروف لغة أخرى بل حروف لغات أخرى مرة بعد مرة، فإذا فتح هذا الباب تسهيلا للقراءة فقد يفضي ذلك إلى التغيير كلما تغيرت اللغة، واختلف الاصطلاح في الكتابة لنفس العلة، وقد يؤدي ذلك إلى تحريف القرآن بتبتديل بعض الحروف من بعض والزيادة عليها والنقص منها، ويخشى أن تختلف القراءة تبعا لذلك ويقع فيها الخلط على مر الأيام والسنين، ويجد عدو الإسلام مدخلا للطعن في القرآن بالاختلاف والاضطراب بين نسخه، وهذا من جنس البلاء الذي أصيبت به الكتب الإلهية الأولى حينما عبثت بها الأيدي والأفكار، وقد جاءت شريعة الإسلام بسد ذرائع الشر والقضاء عليها محافظة على الدين، ومنعا للشر والفساد.
ج - يخشى إذا رخص في ذلك أو أقر أن يصير كتاب الله - القرآن- ألعوبة بأيدي الناس، كلما عن لإنسان فكرة في كتابة القرآن اقترح تطبيقها فيه، فيقترح بعضهم كتابته بالعبرية وآخرون كتابته بالسريانية وهكذا مستندين في ذلك إلى ما استند إليه من كتبه بالحروف اللاتينية من التيسير ورفع الحرج والتوسع في الاطلاع والبلاغ وإقامة الحجة وفي هذا ما فيه من الخطر العظيم. وقد نصح مالك بن أنس الرشيد أو جده المنصور ألا يهدم بناء الكعبة الذي أقامه عبد الملك بن مروان ليعيدها إلى بنائها الذي بناه عبد الله بن الزبير رضي الله عنه على قواعد إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، خشية أن تصير الكعبة