وكان للكفار بالمرصاد فأذاق المكذبين العذاب الأليم {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ}.
أيها المسلمون: إن الله توّج دعوة الرسل بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم، جعله خاتم الأنبياء والمرسلين، بعثه والناس في أمس الحاجة إليه، حيث كانوا في جهل وتقاتل وتناحر واختلاف، قبائل شتى وأمم متمزقة، لا رابطة تربطهم ولا راية تجمعهم، شغلتهم الحروب والغارات، فلا عقيدة تحميهم ولا شريعة تهديهم، يعيشون في غياهب الظلمات والأوهام، قلوب قاسية ونفوس حائرة، تنوعت أحوالهم وضلالاتهم.
فأهل الكتاب حرفوا كتبهم ونسبوا إلى الله الصاحبة والولد ونسوا تعاليم أنبيائهم، والعرب الجاهليون انحرفوا عن ملة الخليل عليه السلام فعبدوا الأوثان ووأدوا البنات وقتلوا الأولاد واستباحوا الفواحش والقبائح، والوثنية ضاربة بأطنابها في أرجاء المعمورة، عبد البشر بعضهم بعضًا فعبد غير الله، عبدت النارُ، والظلمةُ والنورُ، بل عُبِدَ الشياطينُ من دون الله.
وفي وسط هذا الجو المكْفَهِرّ بالظلمات والجهالات والبدع